الجمعة، 8 أبريل 2011

بعد 26 عاماً أبريل الثورة من الذي صنعها ومن أضاعها ؟؟

سياسة(الأرشيف)
تقرير : الزين عثمان: سنوات قلائل هي التي فصلت بين مغادرة المشير جعفر محمد نميري للقصر الجمهوري وصعود العقيد آنذاك عمر حسن أحمد البشير للجلوس على نفس الكرسي وبنفس كاب العسكر، وكأن الشعب الذي امتلأت به شوارع الخرطوم وامدرمان وبقية المدن السودانية لم ينتصر مكسرا لحواجز السجون الشمولية ومستنشقا عبير الحرية والديمقراطية ، وحلم انجاز مشروع التغيير انتهى عند ميلاده.
ستة وعشرون عاما مضت بين السادس من أبريل في العام 1985 والسادس من أبريل من العام 2011 ولم يبقَ من ابريل سوى تلك الاغاني الحماسية التي رددها صدى الفشل السياسي في دولة تناقصت اميالها وذهب بعض مواطنيها في رحلة البحث عن انتماء جديد ووطن آخر وماتبقى من الارض ما زال يحلم بالغد المشرق، أبريل الجميع صنع الثورة او هكذا يبدو لهم ويسوقون بضاعتهم فأهل الجبهة هم من اشعل عود ثقابها بحسب قولهم ولم تكن لتنجح لولا ان اليسار منحها اكسيد الحركة في الشوارع وان حراب الانصار هي التي انغرست في احشاء نظام نميري المتهالك ولم يكن ليكتب لها النجاح لولا هتافات الاتحاديي،ن وهو الامر الذي يؤكد على ان الاحزاب هي التي صنعت ابريل الاخضر ولكن السؤال الاكثر الحاحا والذي يتجاوز من صنع أبريل الى من ضيعها ؟؟
الاسلاميون ينسبون لانفسهم الفضل في قيام الثورة في ابريل وهو الامر الذي يقول عنه أمين حسن عمر القيادي الاسلامي (ان ابريل بدأت بمظاهرات صغيرة ومتفرقة وكل هذه التظاهرات سيرها الطلاب الإسلاميون وحدهم حتى يوم 25 مارس. وبالواضح أقول إن كل التظاهرات التي مهدت لانتفاضة أبريل نظمها وسيرها الطلاب الإسلاميون وحدهم. وكان الاعتقاد السائد عن هذه التظاهرات أنها ردة فعل لاعتقال الإسلاميين).
ويقلل امين من الروايات التي تنسب الثورة إلى آخرين ويضيف ربما تكون هناك رواية ثانية لمؤيدي التجمع الوطني عن هذه التظاهرات، لكن قبل هذه الراوية يتعين التأكيد أن الادعاء بتكوين التجمع قبل هذه التظاهرات ليس صحيحا. والدليل أن التجمع النقابي قد شكل في الأيام الأخيرة للانتفاضة أي قبل التظاهرات التي قادها الطلاب الإسلاميون. وللمعلومية كانت الحركة الإسلامية تسيطر على أقوى النقابات بواسطة أعضائها أو من إسلاميين آخرين يؤيدون طرح الحركة بصورة عامة. من جانبه فقد نسب القيادي بالتجمع النقابي ورئيس وزراء حكومة الانتفاضة نقيب الاطباء آنذاك الجزولي دفع الله انتفاضة ابريل وهبة الشعب السوداني لنضالات التجمع النقابي ويقول التجمع النقابي هو الذي تصدر الانتفاضة وهو يتكون من نقابات وليس بينهم أحزاب ،بعد سقوط نظام مايو انضمت الاحزاب الى التجمع النقابي واصبح التجمع الوطني، وهو الامر الذي ينفي فيه دور الاحزاب التي التحقت بالثورة لاحقا بعد ان انتفض الشارع وتلاحم مع الجيش ليصنع نجاح الثورة وسقوط النظام لاحقا ،الامر الذي لم يكن ليحدث لولا ان ان شعار( شعب واحد جيش واحد) صار هو شعار اللحظة والتي وصفتها احد المشاركات في ابريل قائلة (كانت عربات الامن في حركة هيستيرية ولا احد يأبه لها وكانت هناك قوة شرطة في الوسط رأيت بام عيني احد افرادها وقد خرجت يده التي تحمل السلاح عن السيطرة وهي تتحرك على ايقاع الهتاف وهو يحاول ابقاءها الى جانب جسده ،كانت قوات الشرطة في ذلك اليوم تحاول ما استطاعت الوقوف خارج دائرة الفعل ، ولكنهم جزء من لحمنا الحي اولاد بيوت العفة في الاحياء الفقيرة وابناء البطون التي تأكل الكفاف واحيانا تصوم كي يكبر الصغار ويزيلوا الغبار وكان ان جاء ذلك الضابط فتعلقت العيون به ، لم يتركنا للتوقع اصدر امره بانسحاب تلك القوة، صرخ الجميع فرحا الا تهاني حسن جميلة رفاعة المناضلة ذات الضفاير والعيون الواسعة كما الوطن في ذلك اليوم فقد اطلقت زغرودتها الفذة والتي مازالت تنغمش وجداني زغرودة طوييييييييييييييييييييييييييلة ارتاح بعدها الجميع وحديث المشاركة في الثورة لم يؤكد سواء تأكيد على ان ابريل لم تكن سوى ثورة شعب خرج ليعيد كتابة التاريخ وليتجاوز ليل الظلمة الحالك ومعها نظام آحادي شمولي وهي القيمة التي جعلت الكثيرين ينسبون الثورة لهم). وفي هذا الاتجاه تقول لي الاستاذة الصحفية آمال عباس (ان الاسلاميين هم من صنع الانتفاضة والتي خططوا لها منذ ازمان طويلة وهي خطوة اولى في سبيل تحقيق هدفهم لحكم السودان الذي كان يجب ان يكون في العام 1979 الا ان مايو وقفت امامهم حجرة عثرة في تحقيقه على ارض الواقع وكانت هي الجسر الذي عليهم عبوره وصولا لغاياتهم. وتزيد آمال عباس ان القوى السياسية لحقت بالانتفاضة في آخر ايامها باستثناء البعثيين والشيوعيين الذين قادوا المظاهرات في بدايتها قبل ان ينال الآخرون النتائج ، الا ان حديث آمال عباس يقود لنقطة اخرى توضحها مآلات الوضع لاحقا بعد ان انتهت ابريل بانقلاب قاده الاسلاميين نفسهم وهو ما يعني ان من صنع ثورة ابريل من اجل الديمقراطية هم انفسهم من اغتالوها في العام 1989، وفي الثلاثين من يونيو عبر الانقاذ مما يجعل من صنعها هو الذي سرقها لاحقا الا ان كثيرين يلقون بتهمة ضياع ابريل ويعلقونها على شماعة القوى الحزبية وبتكويناتها المختلفة التي فشلت في الحفاظ على منجزات ابريل والتي من اهمها على الاطلاق قطع الطريق امام النظام الشمولي الذي عاد قبل ان يرتد طرف الهتافات الشعبية ويضيع عرق الجباه الشم شمار في مرقة وتعاملت الاحزاب السياسية مع الديمقراطية باعتبارها عملية اجرائية قادتها فقط للولوج الى البرلمان ومن ثم ممارسة ديمقراطية الحديث والحديث المضاد ،وهي العلامة المميزة للممارسة السياسية السودانية بحسب حديث البروفيسور حسن الساعوري الذي برر لضياع أبريل بأنها مسؤولية مباشرة لقوى السودان الحزبية التي تكرر اخطاءها وبالكربون والتي تتعلق بنفي الآخر، امر حدث عقب اكتوبر للحزب الشيوعي وتكرر في اعقاب ابريل للجبهة الاسلامية والنتيجة واحدة هي عودة العسكر. ويضيف الساعوري ان فشل حكومات الائتلاف المتتابعة في تحقيق رغبات الشعب الذي ثار ضد نميري ليكتشف لاحقا ان نميري جنة لنار الاختلاف في الديمقراطية الثالثة وقواها المتنافرة ومكائدها التي لا تنتهي ابدا. اذاً الساعوري يضع المكائد السياسية في خانة المسؤول المباشر عن ضياع ابريل ويضيف ان هذه المكائد لم يتم تجاوزها بعد وما زالت محددا للحراك السياسي في البلاد في الوقت الراهن دون الوعي بتحولات السياسة التي جعلت الوطن الآن غير الذي كان في ابريل دون ان يعفي نظرية المكائد السياسية من مسؤولية الذي حدث في البلاد ،الا ان عملية اتهام المكائد السياسية وحدها بسرقة ثورة الشعب وانتفاضاته امر يحتاج لكثير من المراجعات تتعلق بابريل نفسها وامتلاكها لمقومات الثورة ووصفها كثيرون بانها انتفاضة في مقابل اكتوبر وهو امر يتعلق وبشكل اساسي ان اهداف اكتوبر تركت في الشارع ولم يحملها من عادوا عبرها الى القصر الجمهوري لتنفيذها على ارض الواقع السوداني لتنبت الحقول وعدا وتمني ولتغني الارض بانغام الاستقرار ويعم السلام ربوع الوطن، وهو امر يفسره المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين الدكتور محمد حمدنا الله عبد الحافظ إلى ما اسماه بعدم تجذر الثقافة الديمقراطية في مكونات السياسة السودانية ،ويشير بشكل اساسي لغياب المؤسسية داخل تلك الاحزاب مضيفا ان الذي قاد الحزب بعد اكتوبر هو نفسه من قاده بعد ابريل ويقوده الآن كما ان عملية التنازع حول من صنع الثورة تجاوزت عمليات النقاش حول انزال مقرراتها او مطلوبات الشعب وتحويلها لسياسات حقيقية كانت ستعبر بالبلاد نحو الامام ، وان قمة الصراع كانت تلك المتعلقة بعملية تشكيل الحكومة التي وصلت لارقام قياسية في فترة كانت تعاني فيها البلاد اقتصاديا وامنيا ،مجموعة من المشاكل كانت ايضا نتاجا للسياسات الخاطئة التي طبقت قبل ان يشير لموقف صناع الثورة نفسهم في عملية الحفاظ عليها ومنع العسكر من العودة مرة اخرى، سؤال تقود الاجابة عليه لمدى التزام من جاءت بهم الثورة بمواثيق الحفاظ عليها ومنها ميثاق حماية الديمقراطية التي لم توقع الجبهة الاسلامية عليه وعادت عبر العسكر دون ان يتحرك الموقعون للحفاظ عليها وحلت محلها عبارة (لو أن كلباً حملها لن نقول له جر ).
ضاع ابريل وما زال النزاع دائرا حول من صنعه والجميع يحاول الهروب من مغبة ضياعه ومضت الايام والكل يبحث عن الاجابة للاسئلة المتعلقة بالامر وفي بالهم الواقع الذي يفرض سطوته على سودان أبريل 2011 الجديد وطبيعة قضاياه المتشابكة التي جعلت احد الذين يمثلون شريحة الشباب التي قادت ابريل يقول لي ساخرا( يعني شنو لو ان الحزب داك صنع ابريل وآخر اضاعها طالما ان الاجابة الواقعية ان الوطن نفسه تسرب من بين أيادينا دون ان نعلم بمن هو السارق الحقيقي له )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق