مولانا خلف الله الرشيد في حديث حول دستورية الحريات الأربع:
حوار: روضة الحلاوي ــ تصوير: متوكل البجاوي
هذا الحوار أُجري قبل التداعيات الأخيرة في منطقة هجليج، التي تمثلت في التصعيد العدواني الذي قامت به الحركة الشعبية لدولة الجنوب، بعد أن رأينا أن كل هذه التداعيات الظرفية لا تمثل تقاطعات تجُب هذا الحوار، بل تدعم ما ذهب إليه من آراء.
إذن فلنطالع إفادة مولانا خلف الله الرشيد الخبير الدستوري والقانوني.
هذا الحوار أُجري قبل التداعيات الأخيرة في منطقة هجليج، التي تمثلت في التصعيد العدواني الذي قامت به الحركة الشعبية لدولة الجنوب، بعد أن رأينا أن كل هذه التداعيات الظرفية لا تمثل تقاطعات تجُب هذا الحوار، بل تدعم ما ذهب إليه من آراء.
إذن فلنطالع إفادة مولانا خلف الله الرشيد الخبير الدستوري والقانوني.
> الحريات الأربع قسمت الساحة السياسية لمؤيد ومعارض.. ما مدى دستوريتها من وجهة نظرك كخبير دستوري؟
} للجنوبيين بعد الانفصال الحق في اختيار الوضع الذي يريدونه، فمن يختار الجنوب فهو جنوبي، وأيضاً من يختار الشمال فهو يدخل كأجنبي عن طريق فيزا للسياحة أو للعمل سواء كانت مؤقتة أو طويلة الأمد، أو يأتي ويطلب الجنسية المزدوجة، وكل هذا بيد الحكومة إما أن تمنحك أو ترفض، وهي غير ملزَمة بشيء، وهناك من يعتقد أنه يُمنح الجنسية المزدوجة بموجب هذه الخطوة، ولكن الجنسية لا تُمنح بطريقة تلقائية... لكن الإشكال في أنه سابقاً كنا نعرف الجنوبيين المقيمين معنا في الشمال معرفة كاملة خاصة المثقفين منهم ونعرف تماماً من هو الأصلح، ولكن اليوم «90%» منهم صوتوا للانفصال فكيف نميِّز الـ «10%» الذين صوتوا للوحدة؟ كما أن الأمر يمثل نوعاً من المغامرة والخطورة التي لا داعي لها.
> فيم تكمن المغامرة والمخاطرة؟
} تكمن في أنه قد يأتي إلينا الـ «90%» الذين صوتوا للانفصال بالإضافة لأن الجنوب مفتوح، والموساد موجود بكثرة هناك، وكذلك الجيش الإسرائيلي وغالبية المخابرات مثل الـ (CIA) والموساد، فكيف نضمن أن من يأتينا من الجنوب ألّا يكون جاسوساً أو مخرِّباً أو منتمياً لجهات إرهابية ولا نعرف عندها كيف ستكون النتيجة؟ والسياسة لا تعتمد على منطق بل تعتمد على مصالح معينة ورؤى معينة.. فمنح الحريات الأربع فيه مضار من الناحية الأمنية.
> دستورياً هل يجوز منحهم هذه الحريات بعد اختيارهم للانفصال؟
} هذا اتفاق عالمي.. وحدث أن اتفقنا مع مصر اتفاقًا كهذا.. ولا بد من الالتزام المتبادل بين الطرفين.. فهذا الاتفاق يمثل اتفاقية عالمية وتسجَّل في الأمم المتحدة على أساس أنها تُلزم الطرفين، ولكن يبقى السؤال كيف نضمن التزام دولة الجنوب.. ونريد أن نعرف من سيأتينا منهم، فنحن نعرف بونا ملوال ـ وأبيل ألير فهل سيأتينا بونا ملوال وأبيل ألير؟.
> ما العمل إذن؟
} لا بد من وضع ضوابط صارمة أمنية مشدَّدة ويكون هناك حرص ألّا نسمح بدخول أي جنوبي دون تثبُّت، والشيء الصحيح المفروض أن يتبع القانون الدولي.
> إذن ما هو موقفك الشخصي من هذا الاتفاق؟
} أنا كنت بداية متعاطفاً مع الجنوبيين ومع قضيتهم، ولديّ شقيق قُتل هناك لأنه كان متعاطفاً معهم.. لكن تقلبات السياسة أدخلت عناصر لم تدرس قضية الجنوب دراسة صحيحة.. والسياسة في رأيي تفسد النظام القانوني.
> الحريات الأربع مقابل النفط.. هل هي معادلة متكافئة؟
} في البداية الجنوبيون قالوا النفط «ما بهمنا»، والآن سلفا كير يقول الجنوب من غير النفط سيموت، ونحن في الشمال لدينا موارد بديلة للنفط، وأقول السياسة والعدل لا يجتمعان، وإذا اجتمعا لا يمتزجان، لأن العدالة من الله سبحانه وتعالى والسياسة من الإنسان.. والسياسة أصلاً لا يحكمها قانون وإنما أشياء أخرى.. لذلك أقول إن الحريات الأربع فيها نوع من المغامرة.
> وُصفت بعض نصوص نيفاشا بالمطّاطية من قِبل البعض، فما هي القنابل الموقوتة التي يحملها اتفاق الحريات بين طياته؟
} أي شيء متوقع هنا، كيف يمكن أن نتعرّف على الموساد إذا دخل علينا من الجنوب أو عملائه، ويمكن أن يتم استقطاب أوغنديين أو غيرهم من الأفارقة أو حتى شماليين من الموجودين هناك، فكيف نتعرف عليهم؟!.. لا بد أن نضع في الحسبان أن الغرب ليس صديقاً لنا وهو ضد الإسلام والمسلمين، وفكرتهم وفكرتنا عن البعث الإسلامي أنه سيكون من هنا، لذلك يوجد خوف شديد من ناحية هذه النقطة؛ لأن الجنوب لم يعد آمنًا كما كان في السابق.
> البعض يراهن على أن هناك مكاسب للشمال من هذا الاتفاق.. ماذا تقول؟
} الآن حرق سوق الشماليين «والبهدلة» التي وجدوها هناك، فأي مكاسب ستتحقق؟ ولكن الجنوبيين هم المستفيدون في الأول والآخر وبلادهم تعاني الآن من مجاعة، وبالاتفاق يمكن أن يدخلوا بحثاً عن الطعام.
> هل الدستور الحالي يُعطي صلاحية منح هذه الحريات؟ علماً بأن الدستور مأخوذ من نيفاشا التي انتهت صلاحيتها الآن؟
} لا يؤخذ الموقف بأنه دستوري أم لا، ولكن للحكومة الحق في أن تعقد اتفاقيات دولية، فإذا عقدتها فهي مُلزمة لها.. ونحن هنا لن نتحدث عن الدستور بل نتحدث عن الوضع الذي يخلقه الاتفاق.
> قمة الدولة وافقت على الاتفاق إطارياً وأنت رجل تحكيم فهل يمكن التراجع أو النكوص عن هذا الاتفاق أسوة باتفاق أديس أبابا الذي وقَّع عليه د. نافع؟
} إلا إذا اختلّت بعض النصوص، وإذا لم يفِ الطرف الآخر بالتزاماته أو واجباته يمكن التنصل منه بحيث لا يمكِّنهم من تقديم شكوى لدى محكمة العدل الدولية.
> ما الفرق بين الاتفاقيتين الموقعتين في أديس أبابا؟
} في الحالتين الدافع هو حل إشكال سياسي واقتصادي، فهناك عوامل ضغط كبيرة، وأنا شخصياً غير مرتاح لهذا الاتفاق.
> أنتم كقانونيين لماذا لزمتم الصمت ولم ترفعوا مذكرة لرئاسة الجمهورية لتعبِّروا عن عدم رضائكم عنها؟
} لديّ مأخذ على القانونيين أنهم أصبحوا سياسيين، والسياسة والقانون بينهما خلط كبير.
> لقي مشروع لجنة الدستور الإسلامي كثيرًا من الانتقادات من البعض.. كيف تراه؟
} هذا سؤال ممتاز.. وصلتني صورة من مسودة الدستور التي قامت بها اللجنة وقرأت المسودة وطُلب مني أن أحضر الاجتماع الافتتاحي وفعلتُ، والسبب الذي دفعني لأن أحضر هذا اللقاء أن مجموعة العلماء الذين اشتركوا في ذلك العمل هم مجموعة طيبة وبذلت مجهوداً ضخماً في ظرف عام بالرغم من اختلاف اتجاهاتهم مثل أبو زيد محمد حمزة وصادق عبد الله عبد الماجد والحبر يوسف نور الدائم ومحمد عثمان صالح وبردة ناصر السيد وشخصيات عامة، وتتملّكني الدهشة عندما أسمع أحدهم يصفهم بأنهم بعيدون عن الإسلام، طيِّب «منو» القريب للإسلام؟ فهذه الاتهامات غير مقبولة لديّ وهي اتهامات عائمة وليست لها قيمة، وبحسب تقديري فإن كل الذين انتقدوا هذه اللجنة لم يطّلعوا على المسودة.. المهندس الطيب مصطفى قال أنا أتحدى من يقول إن هذه المسودة بعيدة عن الإسلام، وأنا لا أقول أتحدى ولكني أدعوهم لقراءة المسودة وأن يستخرجوا منها أي شيء مخالف للإسلام سواء كان مادة أو جزءًا من مادة.. وأقول: بالرغم من أن أعضاء هذه اللجنة اجتمعوا على شيء بالرغم من خلافاتهم يجب أن يُشجَّعوا لأن هذا عمل كبير جداً وتاريخي.. وكمال عمر هذا كان محاميًا فمن المفترض أن يكون له أسلوب معيَّن في نظرته للأشياء، فهو يقول إن هؤلاء الرجال بعيدون عن الإسلام، أولاً من ناحية مؤهلاتهم فهم يمتلكون أكبر مؤهلات، وأي مغالطة هنا تصبح مغالطة عديمة القيمة، بل على العكس تصبح حجة قائلها ضعيفة، وربنا قال: «ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ» فهذا المجهود الضخم هم يستحقون عليه الشكر، ولم يسمّوها الدستور الإسلامي بل سمّوها مشروع دستور دولة السودان، ونحن لا نطلب لافتات تقول «مسلمين مسلمين» دون شيء، وهم توصلوا أنه لا يوجد شيء اسمه الدستور الإسلامي المعرَّف بالألف واللام، ولكن يمكن أن يستمد من الدستور.. الإسلام أتى بمبادئ وأطر وهياكل معينة.. ومن يتهم هذا المشروع فهم يبتغون الفتنة أو التأويل، والمحكم محكم، ونحن لا نريد أن نبتعد عن المحكم، ولذلك خرجت مدارس معينة من الفقه الإسلامي ولم تخرج من الإسلام إلا قليلاً.. والدستور توافُق.. وهؤلاء العناصر توافقوا على ما يتعلق بالدستور، وأنا أدعو الذين لم يقرأوا هذه المسوّدة أن يقرأوها ويخبرونا ما هو الشيء البعيد عن الشريعة.. هذا المشروع به كثير جداً من التوافق والتوازن والعقلانية، ولكن نحن مشكلتنا تكمن في أن الناس فيما يتعلق بالدين يتهيجون وينسون الحقيقة لأنهم عاطفيون.
> إذن برأيك هل هذه المسودة أو مشروع الدستور هو النموذج الأفضل لدستور قادم؟
} يجب أن توضع هذه المسودة للنقاش أو توضع مع المسودة المراد مناقشتها، ولا بد لمن شاركوا فيها أن يمثلوا في مجلس الدستور وإلا نكون نحن «بنلعب ساكت» أو نكون بنرفع شعارات «تحت تحت» ونعمل أشياء أخرى، والدستور هو العدل والإنصاف ورد الحقوق لأهلها والإحسان، ويجب أن ننظر لهذه المسائل بعقلانية وألّا نجعلها مجرد مزايدات سياسية ومكايدات كما بدر من كمال عمر حين قال إنه على استعداد أن يكون يهوديًا ولا ينتمي للوطني.. أرجو أن يغفر له الله، لماذا يلعب بعد هذا العمر بالإيمان ويستخفُّ به، هل الإيمان لا ثمن له؟ فالإيمان لا يتغيَّر لأي سبب من الأسباب وربنا يهدي كمال عمر لأنه وضع إيمانه في موازنة مع أمور دنيا..
} للجنوبيين بعد الانفصال الحق في اختيار الوضع الذي يريدونه، فمن يختار الجنوب فهو جنوبي، وأيضاً من يختار الشمال فهو يدخل كأجنبي عن طريق فيزا للسياحة أو للعمل سواء كانت مؤقتة أو طويلة الأمد، أو يأتي ويطلب الجنسية المزدوجة، وكل هذا بيد الحكومة إما أن تمنحك أو ترفض، وهي غير ملزَمة بشيء، وهناك من يعتقد أنه يُمنح الجنسية المزدوجة بموجب هذه الخطوة، ولكن الجنسية لا تُمنح بطريقة تلقائية... لكن الإشكال في أنه سابقاً كنا نعرف الجنوبيين المقيمين معنا في الشمال معرفة كاملة خاصة المثقفين منهم ونعرف تماماً من هو الأصلح، ولكن اليوم «90%» منهم صوتوا للانفصال فكيف نميِّز الـ «10%» الذين صوتوا للوحدة؟ كما أن الأمر يمثل نوعاً من المغامرة والخطورة التي لا داعي لها.
> فيم تكمن المغامرة والمخاطرة؟
} تكمن في أنه قد يأتي إلينا الـ «90%» الذين صوتوا للانفصال بالإضافة لأن الجنوب مفتوح، والموساد موجود بكثرة هناك، وكذلك الجيش الإسرائيلي وغالبية المخابرات مثل الـ (CIA) والموساد، فكيف نضمن أن من يأتينا من الجنوب ألّا يكون جاسوساً أو مخرِّباً أو منتمياً لجهات إرهابية ولا نعرف عندها كيف ستكون النتيجة؟ والسياسة لا تعتمد على منطق بل تعتمد على مصالح معينة ورؤى معينة.. فمنح الحريات الأربع فيه مضار من الناحية الأمنية.
> دستورياً هل يجوز منحهم هذه الحريات بعد اختيارهم للانفصال؟
} هذا اتفاق عالمي.. وحدث أن اتفقنا مع مصر اتفاقًا كهذا.. ولا بد من الالتزام المتبادل بين الطرفين.. فهذا الاتفاق يمثل اتفاقية عالمية وتسجَّل في الأمم المتحدة على أساس أنها تُلزم الطرفين، ولكن يبقى السؤال كيف نضمن التزام دولة الجنوب.. ونريد أن نعرف من سيأتينا منهم، فنحن نعرف بونا ملوال ـ وأبيل ألير فهل سيأتينا بونا ملوال وأبيل ألير؟.
> ما العمل إذن؟
} لا بد من وضع ضوابط صارمة أمنية مشدَّدة ويكون هناك حرص ألّا نسمح بدخول أي جنوبي دون تثبُّت، والشيء الصحيح المفروض أن يتبع القانون الدولي.
> إذن ما هو موقفك الشخصي من هذا الاتفاق؟
} أنا كنت بداية متعاطفاً مع الجنوبيين ومع قضيتهم، ولديّ شقيق قُتل هناك لأنه كان متعاطفاً معهم.. لكن تقلبات السياسة أدخلت عناصر لم تدرس قضية الجنوب دراسة صحيحة.. والسياسة في رأيي تفسد النظام القانوني.
> الحريات الأربع مقابل النفط.. هل هي معادلة متكافئة؟
} في البداية الجنوبيون قالوا النفط «ما بهمنا»، والآن سلفا كير يقول الجنوب من غير النفط سيموت، ونحن في الشمال لدينا موارد بديلة للنفط، وأقول السياسة والعدل لا يجتمعان، وإذا اجتمعا لا يمتزجان، لأن العدالة من الله سبحانه وتعالى والسياسة من الإنسان.. والسياسة أصلاً لا يحكمها قانون وإنما أشياء أخرى.. لذلك أقول إن الحريات الأربع فيها نوع من المغامرة.
> وُصفت بعض نصوص نيفاشا بالمطّاطية من قِبل البعض، فما هي القنابل الموقوتة التي يحملها اتفاق الحريات بين طياته؟
} أي شيء متوقع هنا، كيف يمكن أن نتعرّف على الموساد إذا دخل علينا من الجنوب أو عملائه، ويمكن أن يتم استقطاب أوغنديين أو غيرهم من الأفارقة أو حتى شماليين من الموجودين هناك، فكيف نتعرف عليهم؟!.. لا بد أن نضع في الحسبان أن الغرب ليس صديقاً لنا وهو ضد الإسلام والمسلمين، وفكرتهم وفكرتنا عن البعث الإسلامي أنه سيكون من هنا، لذلك يوجد خوف شديد من ناحية هذه النقطة؛ لأن الجنوب لم يعد آمنًا كما كان في السابق.
> البعض يراهن على أن هناك مكاسب للشمال من هذا الاتفاق.. ماذا تقول؟
} الآن حرق سوق الشماليين «والبهدلة» التي وجدوها هناك، فأي مكاسب ستتحقق؟ ولكن الجنوبيين هم المستفيدون في الأول والآخر وبلادهم تعاني الآن من مجاعة، وبالاتفاق يمكن أن يدخلوا بحثاً عن الطعام.
> هل الدستور الحالي يُعطي صلاحية منح هذه الحريات؟ علماً بأن الدستور مأخوذ من نيفاشا التي انتهت صلاحيتها الآن؟
} لا يؤخذ الموقف بأنه دستوري أم لا، ولكن للحكومة الحق في أن تعقد اتفاقيات دولية، فإذا عقدتها فهي مُلزمة لها.. ونحن هنا لن نتحدث عن الدستور بل نتحدث عن الوضع الذي يخلقه الاتفاق.
> قمة الدولة وافقت على الاتفاق إطارياً وأنت رجل تحكيم فهل يمكن التراجع أو النكوص عن هذا الاتفاق أسوة باتفاق أديس أبابا الذي وقَّع عليه د. نافع؟
} إلا إذا اختلّت بعض النصوص، وإذا لم يفِ الطرف الآخر بالتزاماته أو واجباته يمكن التنصل منه بحيث لا يمكِّنهم من تقديم شكوى لدى محكمة العدل الدولية.
> ما الفرق بين الاتفاقيتين الموقعتين في أديس أبابا؟
} في الحالتين الدافع هو حل إشكال سياسي واقتصادي، فهناك عوامل ضغط كبيرة، وأنا شخصياً غير مرتاح لهذا الاتفاق.
> أنتم كقانونيين لماذا لزمتم الصمت ولم ترفعوا مذكرة لرئاسة الجمهورية لتعبِّروا عن عدم رضائكم عنها؟
} لديّ مأخذ على القانونيين أنهم أصبحوا سياسيين، والسياسة والقانون بينهما خلط كبير.
> لقي مشروع لجنة الدستور الإسلامي كثيرًا من الانتقادات من البعض.. كيف تراه؟
} هذا سؤال ممتاز.. وصلتني صورة من مسودة الدستور التي قامت بها اللجنة وقرأت المسودة وطُلب مني أن أحضر الاجتماع الافتتاحي وفعلتُ، والسبب الذي دفعني لأن أحضر هذا اللقاء أن مجموعة العلماء الذين اشتركوا في ذلك العمل هم مجموعة طيبة وبذلت مجهوداً ضخماً في ظرف عام بالرغم من اختلاف اتجاهاتهم مثل أبو زيد محمد حمزة وصادق عبد الله عبد الماجد والحبر يوسف نور الدائم ومحمد عثمان صالح وبردة ناصر السيد وشخصيات عامة، وتتملّكني الدهشة عندما أسمع أحدهم يصفهم بأنهم بعيدون عن الإسلام، طيِّب «منو» القريب للإسلام؟ فهذه الاتهامات غير مقبولة لديّ وهي اتهامات عائمة وليست لها قيمة، وبحسب تقديري فإن كل الذين انتقدوا هذه اللجنة لم يطّلعوا على المسودة.. المهندس الطيب مصطفى قال أنا أتحدى من يقول إن هذه المسودة بعيدة عن الإسلام، وأنا لا أقول أتحدى ولكني أدعوهم لقراءة المسودة وأن يستخرجوا منها أي شيء مخالف للإسلام سواء كان مادة أو جزءًا من مادة.. وأقول: بالرغم من أن أعضاء هذه اللجنة اجتمعوا على شيء بالرغم من خلافاتهم يجب أن يُشجَّعوا لأن هذا عمل كبير جداً وتاريخي.. وكمال عمر هذا كان محاميًا فمن المفترض أن يكون له أسلوب معيَّن في نظرته للأشياء، فهو يقول إن هؤلاء الرجال بعيدون عن الإسلام، أولاً من ناحية مؤهلاتهم فهم يمتلكون أكبر مؤهلات، وأي مغالطة هنا تصبح مغالطة عديمة القيمة، بل على العكس تصبح حجة قائلها ضعيفة، وربنا قال: «ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ» فهذا المجهود الضخم هم يستحقون عليه الشكر، ولم يسمّوها الدستور الإسلامي بل سمّوها مشروع دستور دولة السودان، ونحن لا نطلب لافتات تقول «مسلمين مسلمين» دون شيء، وهم توصلوا أنه لا يوجد شيء اسمه الدستور الإسلامي المعرَّف بالألف واللام، ولكن يمكن أن يستمد من الدستور.. الإسلام أتى بمبادئ وأطر وهياكل معينة.. ومن يتهم هذا المشروع فهم يبتغون الفتنة أو التأويل، والمحكم محكم، ونحن لا نريد أن نبتعد عن المحكم، ولذلك خرجت مدارس معينة من الفقه الإسلامي ولم تخرج من الإسلام إلا قليلاً.. والدستور توافُق.. وهؤلاء العناصر توافقوا على ما يتعلق بالدستور، وأنا أدعو الذين لم يقرأوا هذه المسوّدة أن يقرأوها ويخبرونا ما هو الشيء البعيد عن الشريعة.. هذا المشروع به كثير جداً من التوافق والتوازن والعقلانية، ولكن نحن مشكلتنا تكمن في أن الناس فيما يتعلق بالدين يتهيجون وينسون الحقيقة لأنهم عاطفيون.
> إذن برأيك هل هذه المسودة أو مشروع الدستور هو النموذج الأفضل لدستور قادم؟
} يجب أن توضع هذه المسودة للنقاش أو توضع مع المسودة المراد مناقشتها، ولا بد لمن شاركوا فيها أن يمثلوا في مجلس الدستور وإلا نكون نحن «بنلعب ساكت» أو نكون بنرفع شعارات «تحت تحت» ونعمل أشياء أخرى، والدستور هو العدل والإنصاف ورد الحقوق لأهلها والإحسان، ويجب أن ننظر لهذه المسائل بعقلانية وألّا نجعلها مجرد مزايدات سياسية ومكايدات كما بدر من كمال عمر حين قال إنه على استعداد أن يكون يهوديًا ولا ينتمي للوطني.. أرجو أن يغفر له الله، لماذا يلعب بعد هذا العمر بالإيمان ويستخفُّ به، هل الإيمان لا ثمن له؟ فالإيمان لا يتغيَّر لأي سبب من الأسباب وربنا يهدي كمال عمر لأنه وضع إيمانه في موازنة مع أمور دنيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق