(التيّار) في حوار (التحولات) مع الدكتور بشير آدم رحمة:يا أخي مافي مذكرات تصحيحية.. سمعتُ بمذكرة واحدة.. نشرتها (الإنتباهة).. وهي مفبركة
(التيّار) في حوار (التحولات) مع الدكتور بشير آدم رحمة:يا أخي مافي مذكرات تصحيحية.. سمعتُ بمذكرة واحدة.. نشرتها (الإنتباهة).. وهي مفبركة
الصادق المهدي الشريف
تقديم: في مقر المؤتمر الشعبي بالرياض.. كان أمين العلاقات الخارجية يجلس في كرسي ثابت لا يدور حول نفسه.. إجابته كانت بذات الثبات.. فكرة الحوار استدعتها تصريحات نُشرت بالصحف.. بأنّ المؤتمر الشعبي في سبيله للانتقال من اسمه وهياكله الحالية.. إلى اسمٍ آخر وهياكل أخرى.. ذات الأمر حدث من قبل في الحركة الإسلامية.. حينما انتقلت في فترات زمنية متفاوتة.. من حركة الإخوان إلى جبهة الميثاق الإسلامي.. ثمّ إلى الجبهة الإسلامية القومية.. وإلى المؤتمر الوطني.. الذي انقسم على نفسه.. وتحول إخوانُ الأمس إلى أعداء اليوم.. التطورات في الحركة الإسلامية لم تخلُ من خسائر.. حيثُ تخلصت من بعض قياداتها.. وتحركت من بعد ذلك بحمل خفيف إلى المرحلة التالية.. فهل الفكرة من صنع الرجل الأخطر في تاريخ الحركة الإسلامية السودانية؟.. هل يكون (التخلص من الفائض) هو الدافع الذي استدعى الانتقال المقترح في اسم وهياكل وآليات المؤتمر الشعبي؟.. هل يريد الدكتور الترابي التخلص من بعض المناوئين له بالحزب؟.. لا سيّما بعد تكاثر الحديث عن مذكرات إصلاحية داخل الشعبي!!.. (التيار) كانت تبحث عن إجابات.. فلم يكن من بُدٍّ سوى الجلوس للرجل الذي يقولُ ما في جوفه ولا يبالي.. الدكتور بشير آدم رحمة.. الرجل الذي فاح اسمه في أجواء السياسة إنّه سيغادر المؤتمر الشعبي إلى الوطني مستوزراً.. بيد أنّه قال (أنا آخر من سيغادر خندق المؤتمر الشعبي).. فإلى حيثيات الحوار.. حاوره: الصادق المهدي الشريف * دكتور بشير.. كثرت المذكرات التصحيحية على المؤتمر الشعبي.. ثلاث مذكرات حتى الآن.. كيف تنظر لهذا الأمر؟ لا توجد أية مذكرات في المؤتمر الشعبي.. دا كلام جرايد.. قرأنا مذكرة واحدة في صحيفة الإنتباهة.. وهي مذكرة (مفبركة).. وبالطبع فقد حاول المؤتمر الوطني استمالة عضوية المؤتمر الشعبي.. لكنهم فشلوا في استقطابهم لأنّهم أهل مبادئ.. لذلك لجأ المؤتمر الوطني للمذكرات المفبركة.. وبثها على العلن.. وفي ظنّهم أنّ هذا سوف يثبط عزيمتنا.. لكنّه تقدير خاطئ.. وقد ظهر لهم هذا.. فهم من وقت لآخر يشيعون عبر الإعلام أنّ بشير رحمة انضمّ للمؤتمر الوطني وأنّ كمال عمر مزروع في المؤتمر الشعبي.. وأنّ فلاناً وفلاناً.. هذه كلها أراجيف تتم صناعتها بصورة مدروسة ومقصودة.. ونحنُ نعرف بالاسم من هو الشخص الموكل إليه إطلاق مثل هذه الأكاذيب.. نحنُ واعون لمثل هذا التخريب. * هل هي عقلية المؤامرة.. لماذا أنتم تحديداً مستهدفون بمثل هذه الأعمال التي سميتها تخريبية وتثبيطية؟ = يبتسم ويجيب = أسألهم هُمْ.. لعلّهم يرون أنّنا الحزب الأقوى والأكثر مبدئية في معارضته لهم.. فنحنُ نعارض وفق مبادئ.. وعضويتنا ليست معروضة في سوق السياسة لمن يدفع أكثر.. * نعودُ لموضوع المذكرات التصحيحية.. و...!! = يقاطع = يا أخي ما في أيِّة مذكرات تصحيحية ولا غير تصحيحية.. بالنسبة لنا نحن حزب مفتوح.. ونناقش قضايانا بكلّ وضوح.. وكلّ الكلام يُقال داخل الاجتماعات.. ومافي غبن شخصي ليصنع مذكرات أو تآمر. * لكن يا دكتور.. الأسباب التي قادت لمذكرة العشرة من قبل في 1999م هي متوفرة الآن..؟ = يسأل = أسباب زي شنو؟ *القبضة القوية للترابي وإمساكه بمقاليد القرار؟ = ينفي بشدة = لا طبعاً.. دا كلام غير صحيح.. حتى بالنسبة لمذكرة العشرة.. هذا ما أرادوه أن يصل للإعلام وللعامة.. لكن ما قاد لمذكرة العشرة كان مؤامرة من جهات معلومة للسيطرة على الحزب.. وللوصول لذلك كان لا بدّ من إقصاء مجموعات أخرى.. وللأسف طفحت رائحة العنصرية والجهوية بصورة نتنة. = مقاطعة = * لم يكن هنالك حديث عن عنصرية في مذكرة العشرة.. كان هناك ضيق من هيمنة الترابي وقبضته وتهميشه للآخرين؟! أبداً.. الحقيقة المعروفة للإسلاميين أنّه كانت هنالك روح الجهوية والعنصرية.. المذكرة لم تبدأ سنة 1999م بل منذ 1996م.. هم اتصلوا ببعض الإسلاميين المعروفين وقالوا إنّ (الغرابة) ملتفون حول الترابي.. و... مقاطعة = *من تقصد بالضمير (هم)؟ أقصد المجموعة التي دفعت بمن كتب مذكرة العشرة.. كانوا يتحدثون عن قرب (الغرابة) من الترابي وصاروا يبثون مخاوفهم.. ونصبَّوا الرئيس البشير مرجعية لهم وتحلقوا حوله لصناعة فريق مقابل - في رأيهم - لالتفاف الغرابة حول الترابي.. و... = مداخلة = *قبل أن تكمل.. هذا الكلام لا يتماشى مع الواقع في تلك الفترة.. فالترابي وقتها كان في أوج قوته.. لماذا لم يزح تلك المجموعة كما أزاح غيرها؟ الترابي وقتها كان قد وصل لقناعة بأنّ الشمولية طريق مغلق.. وأذكر في مؤتمر للشورى في أكتوبر 1997م.. كان النقاش في المؤتمر حول (هل نفتح الحياة السياسية للأحزاب أم ننتهج نظام الحزب الواحد؟).. وبالتصويت فاز مقترح الانفتاح.. منذ تلك اللحظة أصبحت المجموعات الانغلاقية تخطط لإزاحة الترابي.. عبر مذكرة العشرة.. وفي مؤتمر أكتوبر 1999م تم إقصاء هؤلاء عبر قواعد الإسلاميين.. لذلك فكروا في انقلاب ديسمبر 1999م.. وما يُسمى بالمفاصلة.. لكن أؤكد لك أنّ الترابي شعر بأنّ هذا الطريق لا يقود إلى تطبيق نظام ديمقراطي ولبناء دولة مدنية.. وأراد أن ينقذ سمعة الإسلام من التلوث بمرض (الفرعنة). = مقاطعة = * نعود لسؤالنا حول هيمنة الترابي على مفاصل القرار في الحزب؟! أبداً لا توجد هيمنة.. وسأذيع لك سراً.. الترابي طلب ثلاث مرات في خلال الخمس سنوات الأخيرة أن يتنحى عن القيادة.. وكانت المرة الأخيرة في نهاية العام الماضي 2011م.. وطرح هذا الطلب في اجتماع للأمانة العامة.. وطالب بالتنحي على أن يُعقد مؤتمر لأمين عام جديد.. على اعتبار أن عبد الله دينق كان نائباً للترابي وذهب للجنوب.. وافقت الأمانة العامة على ذلك الطلب.. لكنهم قالوا له (هذا ليس هو الوقت المناسب). * لماذا.. رأوا أنّ الظرف أو الوقت غير مناسب!.. ما هي الحيثيات؟ لو تنحى الدكتور الترابي في هذا الظرف الدقيق يمكن أن يقول الناس إنّ الترابي خاف من السجون.. أو يقولوا.... = مداخلة = * ومنذ متى كان الترابي يهتم بما يقوله الناس؟ = د.بشير معترضاً = لا مش الدكتور الترابي هو من قال.. نحنا الذين قلنا ذلك.. (ممكن يكون الناس يقولوا ويقولوا).. لكنّنا موافقون من حيث المبدأ. * تخافون ما سيقوله الناس.. أم تخافون على تفرّق الحزب بعد تنحي الترابي وفقدان كارزميته؟ لا.. دا كلام غير صحيح.. لو تنحى الترابي من القيادة فأين سيذهب؟.. سيكونُ موجوداً في الحزب وسيشارك برأيه في كل القرارات.. سيتنحى عن الأمانة العامة والمناصب القيادية لكنّه سيكون عضواً فاعلاً في الحزب وفي الشورى. * بمناسبة الشورى.. لا توجد شورى في حزبكم.. والقرارات تصدر من الترابي ثمّ تتبناها المؤسسات.. أليس هذا ما يحدث؟ * أنت بتجيب الكلام دا من وين؟.. يا أخي دا كلام ناس ما عارفين حاجة عن الحزب.. أؤكد لك أنّه لا يصدر في حزب المؤتمر الشعبي أي قرار من الترابي.. وقرارات الأمانات ملزمة لكل التنظيم.. وملزمة للدكتور الترابي أيضاً.. إلا إذا خالف القرار نصاً واضحاً في النظام الأساسي.. عندها لا يصبح ملزماً.. لكن بالطبع الأمانة العامة هي الجسم التنفيذي وهي الأعلى من ناحية العمل التنظيمي. * ما زال الاتهامُ قائماً.. لا توجد شورى داخل حزبكم.. وإلا فما هو آخر قرار تمّت مشاورتك فيه؟ كدا الفهم مغلوط.. لا تتم استشارتي وحدي.. بل تتم الشورى وسط الأمانات والقواعد.. والأمانة العامة تستشير الأمانة المختصة وليس شخصاً بعينه.. مثلاً ناقشنا ورقة عن (الدستور الانتقالي) وعن (الاحتمالات المتوقعة لمستقبل هذا النظام).. وأظنّك سمعت بها.. وعن (الهوادي بالنسبة لنا وللوطن لو سقط النظام).. وطبيعة (برنامجنا لو قامت انتخابات).. بالإضافة إلى القرارات العادية اليومية.. نحن لدينا فدرالية داخل المؤتمر الشعبي. * مثلاً من الذي يقرر بشأن تحالفكم مع الجبهة الثورية؟ نحن ما عندنا أيِّ تحالف مع الجبهة الثورية!!.. الجبهة الثورية لديها حتى الآن ورقة تفاهم مع حزب الأمة القومي ومع الحزب الاتحادي، لكن.. * ولا حركة العدل والمساواة؟ ولا حركة العدل والمساواة.. لا توجد أية علاقة بيننا والعدل والمساواة.. هذا لا ينفي أن يكون هنالك اتفاق في الأطروحات بيننا وبينهم فيما يتعلق بإنصاف المظلومين في دارفور وإقامة نظام فدرالي تعددي في السودان. * دكتور بشير ننتقل للجزء الأهم.. وهو فكرة هذا الحوار.. نُشرت معلوماتٌ عن تغييرات جذرية سيشهدها حزب المؤتمر الشعبي.. لنسمها (انتقال مرحلي/ تغيير ثوب).. المهم أنّ هنالك عملاً كبيراً سيحدث.. ولنبدأ بالأسئلة هل الترابي هو صاحب الفكرة؟ التوسع في كل مرحلة هو ديدن الحركة الإسلامية منذ الإخوان المسلمين، وتكونت بعدها جبهة الميثاق الإسلامي فيها صوفية وأنصار سنة وزعماء قبائل، وبعد 1985 جاءت الجبهة الإسلامية القومية، وكان فيها تمثيل واضح لقطاع المرأة.. وبعد الإنقاذ 1989 تأسس المؤتمر الوطني باتساع وأصبح حزب السودان الأول، ولكن مشكلته هو ارتباطه بالسلطة.. فلا تدري من يدخل إليه هل اقتناعاً ببرامجه أم من أجل المغانم والسلطان.. وفي 2000م تأسس المؤتمر الشعبي كحزب معارض.. وما سيحدث هو تطور طبيعي. * هل المذكرات هي السبب في هذا التوسع.. هل يريد الترابي التخلص من خصومه داخل المؤتمر الشعبي؟ تاني جبت سيرة المذكرات؟.. الإجابة (لا).. الفكرة الآن - لو أُتيحت حريات - سيخرج المؤتمر الشعبي باسم جديد وتغيير في المنهج ليشمل كل أهل السودان، وسيدخل فيه مؤسسون جدد. * تفكرون في تغيير اسم المؤتمر الشعبي؟ نعم.. لو توفرت لنا الحريات.. نفكر في تغيير الاسم والقيادة وسنتوسع في الجوانب الثقافية والاقتصادية، وجانب العلاقات مع (الآخر) الوطني.. حتى إن كان على غير ملة الإسلام. * هل سيحدث هذا التغيير الآن؟ لا يمكن.. لأنّ كل هذا الكلام مرتبط بالحريات. * الآن هنالك تسجيل للأحزاب عبر مسجل الأحزاب و... = مقاطعاً = * دا كلام صوري وديكوري.. كيف نعمل في هذا المناخ؟ * هل تخافون أن لا ينضم إليكم مؤسسون جدد؟ هذا وارد.. فالأنظمة الشمولية لا تنتج سوى (دكتاتور.. أو منافق).. ولا يستطيع أحد أن ينضم إلينا في مثل هذه الأنظمة. * وكيف سيكون حزباً إسلامياً إذا كان سيستوعب (الآخر الذي على غير ملة الإسلام)؟ نحن لن نسميه حزباً (إسلامياً).. بل سيكون حزباً (سودانياً). * إذن.. كيف يمكن أن تعتبره امتداداً للحركة الإسلامية.. وتطوراً طبيعياً لها؟ منهج الإسلام جاء للناس كافة في الإدارة والحكم.. والأمة الإسلامية هي أمة شهادة على الناس كافة. * المخاوف هي أن الترابي سوف يستغل هذه الأجواء للتخلص من خصومه؟ هذا لن يحدث، لأنّ التغيير سيشمل القيادة أيضاً. * لكن الترابي لديه حق الملكية الفكرية في مثل هذه التحولات الاستراتوسياسية؟! مافي شك في ذلك.. الترابي له دوره وكسبهُ وكان من الممكن أن يفيد العالم العربي أجمع.. الآن المصريون والتوانسة والجزائريون يناقشون الدستور.. ود.الترابي لديه علمه في القانون الدستوري.. ولكن وجود د.الترابي في السياسة السودانية أعاق حركته كثيراً. * هل يمكن أن نقول إن فكرة التوسع في حزب المؤتمر الشعبي جاءت من الدكتور الترابي؟ د.الترابي رائد ولا شك.. لكن الفكرة الآن لم يقدمها هو.. لقد جاءت من عدة أشخاص في الحزب.. (نحنا عايزين) نخرج من قوقعة وطني وشعبي.. بتكوين حزب جديد.. عايزين (نشُك الكوتشينة). * شكة الكوتشينة يطالب بيها اللاعب اللي ورقه كعب!! ورقنا ما كعب.. لكن أفكارنا جيدة وستجد من يساندها. * الانتقال الجديد.. هل نسميه تنصلاً عن تاريخكم في المجيء بنظام الإنقاذ؟ نحن تنصلنا عن هذا التاريخ منذ المفاصلة.. عانينا قتلاً وتشريداً وحرماناً.. عايزين نمشي في طريق الشعب.. واستفدنا من هذا الدرس بصورة قاسية ورجعنا إلى أصولنا.. فالله لا يُعبد إلا بالحرية الكاملة. * لكن قيل أنّكم سعيتم للانقلاب على الإنقاذ.. والسنوسي مُعتقل تحت هذا الاتهام؟! نحنَ كفرنا بالانقلابات.. وكفرنا بالشمولية.. واكتب على لساني (لو جاء صحابي للحكم في جو شمولي سوف يصبح دكتاتوراً.. ولديك مثال في معاوية بن ابي سفيان).. الشمولية فيها عدم محاسبة ومراقبة وفيها محاباة.. ولو الحزب أمسك بالحكم وما عندو برنامج فكري.. سيصبح حزب الفرد.. ولكن المؤتمر الشعبي مؤصل على فكر فيه نساء ورجال مؤمنون بالطرح والعدالة والديمقراطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق