الاثنين، 18 يونيو 2012

الزيادات أم التقشف أولاً



الزيادات أم التقشف أولاً ؟
لعل التساؤل بعد توافق قرارات مجلس شورى الحزب الحاكم مع قرارات الجهاز التنفيذي للسلطة والخاصة برفع الدعم عن المحروقات واجراء تخفيض للوزارات ومناصب الدستوريين ومخصصاتهم..لعل التساؤل الجوهري هو هل تسبق عملية تشليع الجهاز التنفيذي والتشريعي الزيادة المقررة أم العكس ؟ ان الاجابة على هذا التساؤل ضرورية باعتبار ان السلطة زعمت ان الجماهير لن ترفض الزيادة في اسعار المحروقات وانها لن تخرج في تظاهرات رافضة وهو أمر سابق لأوانه وبالتالي تحتاج عملية اسكات الاصوات الرافضة الى إعلان كبير يقضي بإعفاء اكبر عدد من الدستوريين واعادة المخصصات التي كانوا يتمتعون بها الى خزانة الدولة .
لم يكن احد ينتظر من مجلس شورى الحزب الحاكم ان يخرج بقرارات لصالح الجماهير فالحزب يدعم حكومته في كافة توجهاتها حتى وإن كانت ستؤدي بها الى حيث المصير المنتظر ، وبما ان شورى الحزب الحاكم أطاعت الجهاز التنفيذي فهي تتحمل معه النتائج المتوقعة فالجهاز التنفيذي للدولة كان يعلم ان القرارات الضاغطة الآتي اقتراحها ستخصم بالضرورة من رصيد الحزب السياسي وموقفه امام الجماهير وهي خسارة لا يمكن التعويض عنها الا بإنفاذ قرار تقليص عدد الدستوريين ومخصصاتهم قبل وضع قرار رفع الدعم عن المحروقات موضع التنفيذ ..هذا هو المخرج الوحيد وما عداه سيكون الكارثة .
ومن المهم ان تسبق عملية التشليع قرار رفع الدعم لاعتبارات كثيرة اولها ان المواطن السوداني على عكس ما تظن السلطة فقد الثقة في ما تقوله وما تتخذه من سياسات وثانيها ان ذات المواطن الذي تطلب منه السلطة تحمل المعاناة الناجمة عن رفع الدعم لا يمكن ان يتحمل العاناة وحده في وجود جيوش جرارة من الدستوريين والكوادر الحزبية التي تقتات على المال العام وبالتالي تصبح الاولوية للتشليع وليس رفع الدعم
ان الاوضاع التي تمر بها البلاد جد حرجة فالسلطة تحاصرها الازمات من كل حدب وصوب ولم يعد بالامكان استمرار الاوضاع على ماهي عليه ومن المهم جداً لكل الاطراف ذات الصلة ان تعكف على وضع حلول جذرية وسريعة وعاجلة كيما تتلافى البلاد الاحتمالات المفتوحة على التغيير غير الايجابي ، ان التغيير الايجابي يفترض اعلان حكومة انتقال وطني يتداعى اليها الجميع تفرمل تدحرج الاوضاع نحو الهاوية وتخفف من حدة الازمات السودانية التي تأخذ بخناق بعضها بعضا وتنذر بعد انفصال الجنوب بعاصفة من التشرذم والمطالبات بتقرير مصير مناطق النزاعات والاقاليم الملتهبة .
لقد جرب العالم قدرة السلطة السودانية على الصمود في وجه المخططات الرامية الى تقسيم البلاد ...لقد كان صمود السلطة ضعيفاً ولذلك تم انفصال جنوب السودان في لمح البصر وفقدت الامة الفريدة في تنوعها مساحات شاسعة من اراضيها وشعوبها وتاريخها.. وبما ان مظهر السلطة لدى قوى الضغط الدولي مهزوز فإن وسائل الضغط لن تنفك في الازدياد تلاعباً بالازمات الراهنة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وما ستثيره الازمة حول أبيي وهجليج والميل 14 من نزاعات جديدة وصولاً الى تنفيذ بقية مخطط تقسيم السودان وربما تغيير النظام بالقوة على غرار ما حدث في ليبيا .
ان الازمة الاقتصادية مضافاً اليها الازمات الامنية في مناطق النزاعات ومضافاً اليها لاحقاً مخاطر فرض الزيادة القسرية على اسعار المحروقات ستكون نتائجها وخيمة على اي بلد مستقر ناهيك عن السودان صاحب اطول تاريخ في عدم الاستقرار والحروب الاهلية وفشل الحكومات الوطنية المتعاقبة على السلطة، ولذلك لن يكون هنالك مخرج من ازمة السلطة الحالية الا بالعودة الى الاجماع الوطني..ان الرجوع الى الشعب وقطاعاته الحية هو الفضيلة الوحيدة المتبقية لاهل الحكم وليس الحكمة إضاعتها والتعويل على قدرة الجماهير على تحمل تبعاتٍ هي ليست جزءً من صناعتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق