الاثنين، 18 يونيو 2012

احذروا انتحار الشعب (2-2)



احذروا انتحار الشعب (2-2)
في الحلقة الاولى وقف الحديث بنا عند كيف عالج سيدنا معاوية بحلمه ما كان بين عبيده بالمدينة وسيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، فطابت نفسه، فقال في خطابه الثاني: من الحسين بن علي إلى خليفة المسلمين معاوية بن أبي سفيان بدمشق. بعد أن أغلظ له القول في خطابه الاول.. وكيف ولى عبد الملك بن مروان الحجاج والياً على العراق الأرحب والأخصب بعد الحجاز الأجدب بعد أن سأل الصديق رأيه في الحجاج، ونصح الصديق وأخذ هو بالنصيحة.
ولم يأخذ حسني مبارك بنصيحة وزيرة خارجية امريكا.. ولم يتعظ به القذافي لاعتمادهم على القوة فلسفة لحكمهم .. فسقط حسني بثورة 25 يناير وقتل القذافي بثورة 15 فبراير، وقف الحديث بنا عند هذا وذاك تمامه:
يلاحظ أن ربيع العرب لم يشمل السودان لماذا؟ بداهة لأسباب عدة منها: حرية التعبير الى حد كبير في الصحف وغيرها.. مقارنة بما كان في مصر وغيرها من البلاد العربية.
هذه واحدة، والاخرى حالة السودان بعهد الانقاذ الثاني رغم السلبيات افضل من حالته قبل الانقاذ منذ الاستقلال، عدا فترة الرئيس عبود وحسن بشير نصر باجماع السودانيين بأبو ظبي عندما سألتهم قناة ابوظبي: اي العهود افضل منذ استقلال السودان الى اليوم؟ هذا من ناحية ومن ناحية اخرى لا توجد معارضة ذات رؤية واضحة بعد سقوط الإنقاذ، كما كانت الحال بالأحزاب الشيوعية في الصين وكوبا وغيرهما. الهدف إسقاط النظام فقط.. فاذا سأل سائل: ثم ماذا بعد؟ لا شيء، بهذا التفكير نعيد تجربة ثورة اكتوبر العظيمة.. كانت فتحاً لو كان له رجال..
هذه الخبرة كما يبدو لي هي السبب الاساسي الذي جعل ثورة الربيع العربي (حوالينا لا علينا)، لكن يبدو لي أن الذين يمثلون نواة الذرة في عهد الانقاذ لا يرون ما رأيت، يرون أن السبب الاساسي (فلسفة القوة).. وقد قالها غير مرة د. نافع بالخرطوم وغير الخرطوم بالخارج.. هذا المناخ العام السياسي والاجتماعي هو الذي جعل الحق يعرف بالرجال لا الرجال بالحق.. وجعل المكابرة والعصبية النتنة والاستخفاف وعدم المبالاة في الفعل والقول مهما عظم الامر هي المرجع، اعتمادا على التأييد المطلق.
والنتيجة الماثلة المتمثلة في الواقع هي ارتفاع الاسعار كل صباح والفساد المالي والاداري المعلن بالصحف.. المالي بشهادة المراجع العام، بل اعلان الرئيس البشير محاربته بخطبه العامة، بل اعتراف مولانا وزير العدل محمد المرضي السابق به وإشهاره له بجريدة «الإنتباهة» بالاحد 2011/12/25م، ص5، بل نقل الفاسد الى موقع افضل بدل محاسبته كما نشرت الصحف وقرأت غير مرة، والاستهانة بالمشكلات مهما عظم أمرها، والاغرب يعاملون ابناء القبائل والمناطق كالمحس وسد كجبار والمناصير أحفاد نعمان ود قمر شهيد معركة القيقر بالدبة معاملة مظاهرات الخرطوم التي لا يجمعها شيء غير (يحيا ويسقط)..! والافراط في استخدام القوة.. مثال قرأت في هذا الشهر (2012/12) بالإنتباهة.. هدمت الآليات العمالقة 172 منزلاً بام درمان بعد ذهاب الرجال للعمل. طلبوا رؤية أمر الازالة.. فرفضوا.. طلبوا مهلة لاخراج امتعتهم فرفضوا، وازاء هذا البطش هربوا بجلدهم بما عليهم من الملابس من النار بل الزلزال بل التوسنامي .. وذات الشيء حدث لسكان قرية اخرى بالقرب من مدني.
هذا ما كان من أمر الفساد المالي، اما الاداري فأقربه الى التذكر جاء بالانتباهة (السبت 12/17) بأن والي شمال كردفان اعفى المهندس محمد عثمان اسماعيل.. مدير عام وزارة التخطيط العمراني الذي استدعته الولاية من وظيفة مستشار لشركة ايطالية كبيرة بليبيا فاستجاب لرجاءات الاصدقاء، وعين مكانه اسماعيل مكي معلم لا علاقة له بالهندسة..!! فأصبح معلم حرفة لا تدرس، إن صح ما قرأت يكون هذا هو الخرق بعينه.. لأنه عطل كفاءة الاثنين وتقدم السودان ممثلا في الاستاذ اسماعيل والمهندس محمد عثمان اسماعيل.
هذا المناخ هو الذي هبط بالخدمة المدنية بعد سمو. وذهب السودان بـ 300 مشارك في بطولة الدوحة الرياضية ولم يعودوا رغم الترهل حتى بخفي حنين المضروب به المثل في الاخفاق.. اعني لم يحرزوا اية ميدالية لأية بطولة بل زاد السودان فقراً على فقر.. بما صرف (إقامة وأكل وتذاكر)!!
وقد كتب الكثيرون بالصحف عن الفساد المالي والاداري، منهم الاستاذ الطيب مصطفى خال الرئيس (الانتباهة يومي: 2011/12/14.12م، واحمد يوسف التاي (السابقة 12/24ص7) الجديد فيه (فقه السترة) لحماية تماسيح الفساد. فتأمل ومالك الزاكي (السابقة 12/23ص6) الجديد فيه لماذا الغلاء وانفصال الجنوب وفرّ مرتبات 92 نائبا والوزراء والجنود والطلبة، بل 12 مليون رغيفة لاطعام 4 ملايين جنوبي كانوا بالشمال .. الا يغني كل هذا عن اي تفكير في اية وسيلة اخرى كزيادة البنزين لموازنة الميزانية؟
رأيي يا زاكي الدِّثار لا يغني لغياب مبدأ الثواب والعقاب.. ووجود فقه السترة.. لا اعتراض على السترة في الجوانب الشخصية لا المبادئ العامة التي قال الله فيها: «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» (الآية 2، النور) .. هذا فهم خاطئ يحتاج الى مراجعة.. وتحريف للكلم عن مواضعه يريدون به (عرض الحياة الدنيا والله يريد الآخرة).. (الآية 67 الأنفال).. الذي اخشاه واحذر منه اذا استمر عهد الانقاذ بفلسفة القوة وفقه السترة والمكابرة وتجاهل المشكلات وبعبارة اخرى ومشاهدة الفيل يطأ ما جمعه النمل في سنة .. ومشاهدة الفيل وطعن ظله.. وادى هذا الى توالي وتيرة الغلاء وغير هذا الى الضيق النفسي، سيكون المخرج انتحار الشعب شأن الفرد إذا يئس تعطل تفكيره وخلص من الضيق النفسي بالانتحار.. !! مثال بوعزيز في تونس شرارة الربيع العربي.. كذلك الشعب لا يفكر في السودان.. ولسان حاله يقول: (عليّ وعلى اعدائي يا رب).. قول شمعون الجبار في التارديخ.. والشعب المصري في ميدان التحرير. ولسان حال حسني مبارك والقذافي يقول: (ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه)..
وبالتجربة الكلب يهاجم محاصره بضراوة إن لم يجد مخرجا للهرب.. اقول هذا نصيحة لوجه الله .. قول سيدنا ابي بكر: (إذا بان لك أمران خذ أبعدهما عن هواك)، وقوله (المعونة من الله على قدر النيَّة) لخالد عندما وجهه إلى حرب الروم باليرموك.. وقول اجدادنا (الخير على غضب النفوس).. وقولهم (اسمع كلام من يبكيك ولا تسمع كلام من يضحكك)... وقول الرسول الكريم : (ألا هل بلغت اللهم فاشهد) بخطبة الوداع .. بقي أن اقول:
حذار يا مسيرية ثم حذار يا رزيقات
من عادة المسيرية أن يحاربوا وقوفاً دليل شجاعة وثبات.. ومن عادة الرزيقات أن يحاربوا ركوباً على خيولهم... كان هذا وذاك سليماً يوم أن كان السلاح حربة وكبس وكوكاب.. واليوم مع السلاح الناري غير سليم..!! لأن البطل بركوبه ووقوفه يصبح هدفاً سهلاً للعدو.. (الجانقي) ولو كان امرأة بل باطلا شبه امرأة .. لا بطلا تقدح عينه شرراً.. السليم زحف التماسيح لا جري الورل..!!
وأن اقول: علمت الآن صباح الاحد 2011/12/25م، بمقتل رأس حركة العدل والمساواة.. وهذا هو المتوقع لاسمه المقدم الصفة على الموصوف كالانجليزية (Black Water)لا العكس إبراهيم الخليل كالعربية، ولنهب الناس ليأكل وللتجنيد القسري، والمحرش ما بيكاتل فما بالك بالمكره.. ولو قدم قوة الرأي على اليد مع خلوص النية لما كان هذا.. ولكان تأييد الناس له حقاً.. لا معارضتهم له في صمت خوف بطشه.. اللهم اهد كل ضال من أجل الاحفاد وسودان الغد.. آمين...
والله من وراء القصد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق