الحماقة أعيت من يداويها
الهجوم على أبو كرشولا وأم روابة جنوب وشمال كردفان كان حماقة كبيرة مما يدعى الجبهة الثورية زماناً ومعنى. والمعنى في هذه الحماقة اكبر مما سواه، لأن الهجوم استهدف الإنسان المدني في أبو كرشولا بصورة غير مسبوقة خلقاً وديناً وقيماً إنسانية تصفية لحسابات سياسية.
وفي أم روابة كان الاستهداف للمنجزات التنموية الخدمية ذات الصلة المباشرة بالمواطن مثل مصادر المياه والكهرباء وغيرها من المنافع. وفي هذا كله اشارة إلى أن الجبهة الثورية التي تنطق عسكرياً باسم قطاع الشمال تعبر عن مسمى سياسي لا علاقة له بالسياسة والخلق السياسي الرفيع.
فمن يعمل من أجل التنمية ويرفع شعاراتها لا يحطم ويقضي على منجزاتها. ومن يرفع في طاولة المفاوضات مع الحكومة مطلب المساعدات الإنسانية على غيره لا يعمل على تهجير المواطنين الآمنين ويزعزع استقرارهم وينهب مواردهم وممتلكاتهم كما حدث صباح السبت الماضي.
إنها حماقة من حيث المعنى والمبنى جاءت أيضاً في غير زمانها أو الوقت المناسب. فالنظام الحاكم المتمرد عليه والذي يقال إنه لا يرعى حقوق المهمشين في الأطراف تحديداً كان في ذلك قد أنهى مؤتمراً علمياً خاصاً بالإبل ودورها في الحياة الاقتصادية السودانية، وهي جزء من الثروة الحيوانية والزراعية التي يعول عليها المواطن السوداني وينتظر منها الكثير في حياته.
ولعل ما هو أبلغ في هذا الخصوص أنه في يوم الهجوم الغاشم على أبو كرشولا وخلاوي القرآن في الله كريم وأم روابة ومنشآتها الخدمية، كان السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية يخاطب مؤتمر العلماء ورجال الدين، وكان السيد نائب نائب الرئيس في أعالي عطبرة وسيتيت يفتتح المشروع المائي الكهربائي الكبير الذي طالما انتظره مواطنو شرق السودان وغيرهم منذ وقت بعيد.
والمحصلة والناتج هما أن النظام الحاكم في السودان ينمي ويعمر ويمضي بالأجندة الوطنية الحقة الى الأمام والجبهة الثورية ومن يتعاطفون معها يعولون على التدمير والتخريب وتشويه سمعة البلاد في الداخل والخارج. وهي سياسة في أسف عوَّل عليها آخرون في المعارضة السودانية الحالية بكل اطرافها، وقد حاولت تلك المعارضة قبل سنوات قطع الطرق القومية وضرب خطوط الإمداد وتدفق الطاقة والنفط، بل قال احد كبارها عن تدمير مصنع الشفاء للدواء في المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري في 03 أغسطس 8991م بالهجمة الصاروخية الاميركية التي اودت بأراوح بعض المواطنين وروَّعت الكثيرين «رب غارة نافعة!» فما هي أوجه النفع في ذلك وقد أودت تلك الهجمة الصاروخية بالأرواح وحرمت البلاد من امداد دوائي انساني وحيواني كان سيسد الحاجة محلياً ويفيض على الخارج الافريقي؟!
وفي ذلك الطريق أيضاً ــ أي طريق الخروج على المألوف والمصلحة الوطنية، كان تأييد البعض لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية المسيسة على الآخر ضد السيد رئيس الجمهورية الفريق عمر حسن أحمد البشير، وهي صناعة ودبلجة محلية وأجنبية.
والظواهر الزمانية والمكانية والمعنوية في حماقة ما تدعى «الجبهة الثورية» لم يقتصر على ما ذكرنا وحسب لسوء حظها، وإنما كان هناك بعد خارجي إفريقي، ونقصد به الملتقى التأسيسي للأحزاب السياسية الإفريقية الذي التأم في ذات الوقت «يوم الهجوم على أبو كرشولا وأم روابة» في العاصمة الوطنية الخرطوم، بدعوة من حزب المؤتمر الوطني السوداني. والخطوة تاريخية وذات بعد وطني إفريقي لا يقل عن ذلك البعد الذي تحقق بعد الاستقلال في إفريقيا مباشرة، وهو قيام «منظمة الوحدة الإفريقية» التي أصبحت فيما بعد «الاتحاد الإفريقي». فالجسم الجديد كما عبر عنه المؤتمرون مكمل لفكرة وفلسفة «الاتحاد الإفريقي» من ناحية مدنية سياسية في عالم متغير وجديد يلعب كثيراً على ورقة منظمات المجتمع المدني. فالهدف الأول والأساسي لذلك الجسم هو الاستقلال والتنمية والاستقرار ومصلحة الوطن الإفريقي إجمالاً في نهاية المطاف.
وفضلاً عن ذلك فقد اختار المؤتمر التأسيسي لاتحاد الأحزاب السياسية الإفريقية السودان مقراً للهيكل الجديد لميزات رآها وقدرها فضلاً عن أخرى معلومة بالضرورة، كما اختار نائب رئيسه للتنظيم الدكتور نافع أميناً عاماً له.
وفي هذا نقطة ومَعْلَم كبير على أن «الجبهة الثورية» التي وجدت حركتها الحمقاء الاخيرة رفضاً واسعاً من المواطنين السودانيين كما شاهدنا ورأينا وتابعنا، فلا بد أنها قد وجدت الشيء نفسه من تجمع الأحزاب السياسية الإفريقية التي التقت في الخرطوم بروح وفلسفة جديدين، فعلى نفسها جنت براقش.. والحماقة أعيت من يداويها!!
وإذا علمنا أن تلك الأحزاب السياسية الإفريقية كان من بينها حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان SPLM الذي خرج من رحمه قطاع الشمال، فإن مصيبة القطاع وذراعه العسكري تكون أكبر، فالحركة الشعبية ــ الحزب الحاكم في بلده دولة جنوب السودان ــ الذي ربطه بجمهورية السودان اتفاق التعاون وبروتكولاته وترتيباته التي هي قيد التنفيذ، فإن الجسم الجديد للأحزاب السياسية الإفريقية الذي صارت الحركة الشعبية جزءاً منه يشكل إداة ربط وتفاهم جديدة مع الحزب الحاكم في الخرطوم.
إن كل الحسابات والمؤشرات تشير الى ان قطاع الشمال قد خسر في مفاوضات اديس ابابا الاخيرة وهو يصر على مبدأ تقديم الاعانات الانسانية على الامن والاستقرار في اجندة التفاوض لحاجته الى ذلك، بعد ان رفعت الحركة الشعبية يدها عن اطعامه وايوائه كما ظل حاله كذلك منذ ميلاده في حضنها وهي في اديس ابابا، وصولاً الى الاستقرار في جوبا عاصمة الدولة الوليدة.
لقد بدأ قطاع الشمال يبحث عبر وسائله السياسية والعسكرية عن وسيلة لتعويض فاقد الحركة الشعبية «المعيشي»، فكان ما كان في جولة المفاوضات، وكانت الهجمة على أم روابة وهدفها الأكبر «النهب والقتل».. والضغط على النظام المفاوض، غير أن ذلك كله لا يجدي فتيلاً ــ كما يقولون ــ وإنما يعود سلباً على القطاع وحلفائه وآلياته التي يعمل بها. وذلك أن مثل ذلك النشاط الأحمق والسلبي سيضيق الخناق على الحلفاء ومن يحسبون على «قوى الإجماع الوطني» لأنها من ناحية سياسية ووطنية تفقد ولا تكسب، في حين أن خصمها هو الكاسب الرابح شأن ما حدث في هجليج من قبل، فضلاً عن أن العملية نفسها لم تكن ذات أثر بالغ وكبير إذا ما استثنينا الخسائر البشرية والمعنوية، لأن الدولة بجيشها وأجهزتها ومؤسساتها المختصة قد قامت برأب الصدع، وأظهرت المنظمات والمؤسسات الوطنية التابعة لها تضامناً كبيراً مع الأهل في أبو كرشولا وأم روابة وغيرهما. وهو ما لم يكن يتمناه قطاع الشمال!!
هناك الآن متغيرات ومستجدات حقيقية وكبرى بات يتعين على قطاع الشمال وأنصاره في المعارضة ان يتداركوها ويحسبوا لها حساباً. وبعضها قد أشرنا إليه وأدرجناه هنا.. وبعضها يمكن البحث عنه ليقوم من يعنيهم الأمر بدراسة حقيقية تبنى عليها القرارات، الشيء الذي فعله جون قرنق دي مبيور وقد ألقى السلاح وعاد إلى طاولة المفاوضات بعد عشرين عاماً من الحرب والتعبئة من أجلها، إذ لم يعد يومها «السودان الجديد» ممكناً أو متاحاً وإلى يوم الناس هذا بطبيعة الحال.. وإلا فستعي الحماقة من يداويها شأن الحال اليوم.
الهجوم على أبو كرشولا وأم روابة جنوب وشمال كردفان كان حماقة كبيرة مما يدعى الجبهة الثورية زماناً ومعنى. والمعنى في هذه الحماقة اكبر مما سواه، لأن الهجوم استهدف الإنسان المدني في أبو كرشولا بصورة غير مسبوقة خلقاً وديناً وقيماً إنسانية تصفية لحسابات سياسية.
وفي أم روابة كان الاستهداف للمنجزات التنموية الخدمية ذات الصلة المباشرة بالمواطن مثل مصادر المياه والكهرباء وغيرها من المنافع. وفي هذا كله اشارة إلى أن الجبهة الثورية التي تنطق عسكرياً باسم قطاع الشمال تعبر عن مسمى سياسي لا علاقة له بالسياسة والخلق السياسي الرفيع.
فمن يعمل من أجل التنمية ويرفع شعاراتها لا يحطم ويقضي على منجزاتها. ومن يرفع في طاولة المفاوضات مع الحكومة مطلب المساعدات الإنسانية على غيره لا يعمل على تهجير المواطنين الآمنين ويزعزع استقرارهم وينهب مواردهم وممتلكاتهم كما حدث صباح السبت الماضي.
إنها حماقة من حيث المعنى والمبنى جاءت أيضاً في غير زمانها أو الوقت المناسب. فالنظام الحاكم المتمرد عليه والذي يقال إنه لا يرعى حقوق المهمشين في الأطراف تحديداً كان في ذلك قد أنهى مؤتمراً علمياً خاصاً بالإبل ودورها في الحياة الاقتصادية السودانية، وهي جزء من الثروة الحيوانية والزراعية التي يعول عليها المواطن السوداني وينتظر منها الكثير في حياته.
ولعل ما هو أبلغ في هذا الخصوص أنه في يوم الهجوم الغاشم على أبو كرشولا وخلاوي القرآن في الله كريم وأم روابة ومنشآتها الخدمية، كان السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية يخاطب مؤتمر العلماء ورجال الدين، وكان السيد نائب نائب الرئيس في أعالي عطبرة وسيتيت يفتتح المشروع المائي الكهربائي الكبير الذي طالما انتظره مواطنو شرق السودان وغيرهم منذ وقت بعيد.
والمحصلة والناتج هما أن النظام الحاكم في السودان ينمي ويعمر ويمضي بالأجندة الوطنية الحقة الى الأمام والجبهة الثورية ومن يتعاطفون معها يعولون على التدمير والتخريب وتشويه سمعة البلاد في الداخل والخارج. وهي سياسة في أسف عوَّل عليها آخرون في المعارضة السودانية الحالية بكل اطرافها، وقد حاولت تلك المعارضة قبل سنوات قطع الطرق القومية وضرب خطوط الإمداد وتدفق الطاقة والنفط، بل قال احد كبارها عن تدمير مصنع الشفاء للدواء في المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري في 03 أغسطس 8991م بالهجمة الصاروخية الاميركية التي اودت بأراوح بعض المواطنين وروَّعت الكثيرين «رب غارة نافعة!» فما هي أوجه النفع في ذلك وقد أودت تلك الهجمة الصاروخية بالأرواح وحرمت البلاد من امداد دوائي انساني وحيواني كان سيسد الحاجة محلياً ويفيض على الخارج الافريقي؟!
وفي ذلك الطريق أيضاً ــ أي طريق الخروج على المألوف والمصلحة الوطنية، كان تأييد البعض لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية المسيسة على الآخر ضد السيد رئيس الجمهورية الفريق عمر حسن أحمد البشير، وهي صناعة ودبلجة محلية وأجنبية.
والظواهر الزمانية والمكانية والمعنوية في حماقة ما تدعى «الجبهة الثورية» لم يقتصر على ما ذكرنا وحسب لسوء حظها، وإنما كان هناك بعد خارجي إفريقي، ونقصد به الملتقى التأسيسي للأحزاب السياسية الإفريقية الذي التأم في ذات الوقت «يوم الهجوم على أبو كرشولا وأم روابة» في العاصمة الوطنية الخرطوم، بدعوة من حزب المؤتمر الوطني السوداني. والخطوة تاريخية وذات بعد وطني إفريقي لا يقل عن ذلك البعد الذي تحقق بعد الاستقلال في إفريقيا مباشرة، وهو قيام «منظمة الوحدة الإفريقية» التي أصبحت فيما بعد «الاتحاد الإفريقي». فالجسم الجديد كما عبر عنه المؤتمرون مكمل لفكرة وفلسفة «الاتحاد الإفريقي» من ناحية مدنية سياسية في عالم متغير وجديد يلعب كثيراً على ورقة منظمات المجتمع المدني. فالهدف الأول والأساسي لذلك الجسم هو الاستقلال والتنمية والاستقرار ومصلحة الوطن الإفريقي إجمالاً في نهاية المطاف.
وفضلاً عن ذلك فقد اختار المؤتمر التأسيسي لاتحاد الأحزاب السياسية الإفريقية السودان مقراً للهيكل الجديد لميزات رآها وقدرها فضلاً عن أخرى معلومة بالضرورة، كما اختار نائب رئيسه للتنظيم الدكتور نافع أميناً عاماً له.
وفي هذا نقطة ومَعْلَم كبير على أن «الجبهة الثورية» التي وجدت حركتها الحمقاء الاخيرة رفضاً واسعاً من المواطنين السودانيين كما شاهدنا ورأينا وتابعنا، فلا بد أنها قد وجدت الشيء نفسه من تجمع الأحزاب السياسية الإفريقية التي التقت في الخرطوم بروح وفلسفة جديدين، فعلى نفسها جنت براقش.. والحماقة أعيت من يداويها!!
وإذا علمنا أن تلك الأحزاب السياسية الإفريقية كان من بينها حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان SPLM الذي خرج من رحمه قطاع الشمال، فإن مصيبة القطاع وذراعه العسكري تكون أكبر، فالحركة الشعبية ــ الحزب الحاكم في بلده دولة جنوب السودان ــ الذي ربطه بجمهورية السودان اتفاق التعاون وبروتكولاته وترتيباته التي هي قيد التنفيذ، فإن الجسم الجديد للأحزاب السياسية الإفريقية الذي صارت الحركة الشعبية جزءاً منه يشكل إداة ربط وتفاهم جديدة مع الحزب الحاكم في الخرطوم.
إن كل الحسابات والمؤشرات تشير الى ان قطاع الشمال قد خسر في مفاوضات اديس ابابا الاخيرة وهو يصر على مبدأ تقديم الاعانات الانسانية على الامن والاستقرار في اجندة التفاوض لحاجته الى ذلك، بعد ان رفعت الحركة الشعبية يدها عن اطعامه وايوائه كما ظل حاله كذلك منذ ميلاده في حضنها وهي في اديس ابابا، وصولاً الى الاستقرار في جوبا عاصمة الدولة الوليدة.
لقد بدأ قطاع الشمال يبحث عبر وسائله السياسية والعسكرية عن وسيلة لتعويض فاقد الحركة الشعبية «المعيشي»، فكان ما كان في جولة المفاوضات، وكانت الهجمة على أم روابة وهدفها الأكبر «النهب والقتل».. والضغط على النظام المفاوض، غير أن ذلك كله لا يجدي فتيلاً ــ كما يقولون ــ وإنما يعود سلباً على القطاع وحلفائه وآلياته التي يعمل بها. وذلك أن مثل ذلك النشاط الأحمق والسلبي سيضيق الخناق على الحلفاء ومن يحسبون على «قوى الإجماع الوطني» لأنها من ناحية سياسية ووطنية تفقد ولا تكسب، في حين أن خصمها هو الكاسب الرابح شأن ما حدث في هجليج من قبل، فضلاً عن أن العملية نفسها لم تكن ذات أثر بالغ وكبير إذا ما استثنينا الخسائر البشرية والمعنوية، لأن الدولة بجيشها وأجهزتها ومؤسساتها المختصة قد قامت برأب الصدع، وأظهرت المنظمات والمؤسسات الوطنية التابعة لها تضامناً كبيراً مع الأهل في أبو كرشولا وأم روابة وغيرهما. وهو ما لم يكن يتمناه قطاع الشمال!!
هناك الآن متغيرات ومستجدات حقيقية وكبرى بات يتعين على قطاع الشمال وأنصاره في المعارضة ان يتداركوها ويحسبوا لها حساباً. وبعضها قد أشرنا إليه وأدرجناه هنا.. وبعضها يمكن البحث عنه ليقوم من يعنيهم الأمر بدراسة حقيقية تبنى عليها القرارات، الشيء الذي فعله جون قرنق دي مبيور وقد ألقى السلاح وعاد إلى طاولة المفاوضات بعد عشرين عاماً من الحرب والتعبئة من أجلها، إذ لم يعد يومها «السودان الجديد» ممكناً أو متاحاً وإلى يوم الناس هذا بطبيعة الحال.. وإلا فستعي الحماقة من يداويها شأن الحال اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق