بحصافة...
الإنقاذ بين إقالة البروفسور واستقالة الجنرال (1–2)
انشغل السودانيون كغيرهم من شعوب العالم بتطورات الأحداث المتسارعة في المشهد السياسي المصري، وتداعياته المستمرة لأكثر من أسبوعين، خاصة بعد أن هدأت تطورات أحداث تونس التي أدت إلى رحيل الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي يوم الجمعة 14 يناير الماضي، لاجئاً في المملكة العربية السعودية، ملتزماً بشرائطها في كفالة لجوئه. وتزامن انشغال السودانيين بالمتابعة الدقيقة والحرص الأكيد على ما يجري من أحداث متلاحقة في المظاهرات والمسيرات المليونية في المدن المصرية، مطالبة بإسقاط نظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك، بشيءٍ من الترقب الحذر خلال الأيام القليلة الماضية من تداعيات إعلان النتائج النهائية لاستحقاق الاستفتاء على حق تقرير المصير حول جنوب السودان الذي جرى في الفترة من 9 – 15 يناير الماضي، خشية حدوث انفلات أمني، غضباً واستياءً واحتجاجاً على ما أسفرت عنه هذه النتائج التي أظهرت من وقتٍ مبكرٍ أن نسبةً كبيرةً من الجنوبيين، جنوباً وشمالاً، مع انفصال الجنوب عن الشمال، ولكن هذا القلق المبرر سرعان ما تبدد، عندما أعلن الرئيس السوداني عمر البشير قبوله بنتائج الاستفتاء حول مستقبل جنوب السودان، عند استلامه للنتائج الرسمية من قبل البروفسور محمد إبراهيم خليل رئيس المفوضية القومية للاستفتاء يوم الاثنين الماضي، وفقاً لإرادة الناخبين الجنوبيين الذين صوت 98,83 في المائة لصالح الانفصال أو حسب تعبير الجنوبيين لصالح الاستقلال. وقال الرئيس السوداني في خطاب ألقاه بهذه المناسبة: "اليوم (يوم الاثنين الماضي) تسلمنا النتيجة، ونقبلها بصوتٍ مرحبٍ، لأنها تمثل إرادة أهل الجنوب"، مضيفاً "نعلن أمام العالم كله، أننا نقبل النتائج ونحترم خيار السودانيين الجنوبيين". ولاشك أن وسائل الإعلام المحلية المختلفة مهدت لقبول الانفصال في هدوء وسلاسة، وجعلته أمراً واقعاً، وقدراً محتوماً، ورغبة جامحة وأكيدة للجنوبيين، في الجنوب والشمال معاً، لذلك جاءت ردود الفعل هادئة صامتة في الشمال، فرحة جزلة منفعلة في الجنوب. ولقد انشغل العالم ووسائل الإعلام المختلفة عن هذا الحدث المهم، نتيجةً لتطورات الأحداث المتلاحقة في مصر، عليه لا أحسب أنه من المستغرب ألا يجد هذا الخبر على الرغم من أهميته وخطورته بالنسبة للكثير من دول العالم اهتماماً ملحوظاً، ومتابعةً دقيقةً من متلقي الأخبار، بل أنه حتى في السودان نفسه لم يكن خبراً مُثيراً يستوجب على السودانيين متابعته بشغفٍ وحرصٍ كما ينبغي في مثل هذه الأحداث الوطنية الجسام، لذلك لم أتردد لحظة عندما سُئلت يوم الجمعة الماضي في برنامج "سبعة أيام" في فضائية ال بي بي سي العربية، الذي يستعرض تغطية وسائل الإعلام المختلفة، وبتركيز تغطية الصحف، لأحداث الأسبوع، عن الخبر المهم الذي غفلت عنه أو لم تهتم به وسائل الإعلام المختلفة، وهو فقرة من فقرات هذا البرنامج الأسبوعي، قلت إنه خبر انفصال جنوب السودان عن شماله وتداعياته على بعض الدول الأفريقية والعربية وغيرها التي تواجه مشكلات إثنية، وقضايا أقليات، مشابهة لتلك التي يواجهها السودان قبل قبول الحكومة السودانية بمنح الجنوبيين حق تقرير المصير، ضمن استحقاقات اتفاقية نيفاشا للسلام. أردت بهذه التقدمة القول بأن تطورات الأحداث في مصر طوال الأسبوعين الماضيين شغلت الناس بها، دون غيرها من أحداث محلية أو إقليمية أو عالمية، فعلى النطاق المحلي انشغل السودانيون داخل السودان بتلكم الأحداث المصرية عن بعض الأحداث المحلية، منها إقالة الأخ الصديق البروفسور مصطفى إدريس البشير من منصبه مديراً لجامعة الخرطوم، حسب القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس عمر البشير يوم الأحد 30 يناير الماضي، وجرياً على العادة والمألوف في مثل هذه القرارات الرئاسية، لا يتم تسبيب الإقالة، مما يدفع الكثيرين إلى الحديث عن احتمالات لأسباب الإقالة، وهي في مجملها لا تخرج عن الاجتهادات، فأحياناً تُصيب وأحياناً أخرى تُخطيء. ففي حالة إقالة البروفسور مصطفى إدريس رجحت مصادر صحافية أن يكون سبب قرار الإقالة الرئاسي، حسماً لخلافات متكررة بين البروفسور مصطفى إدريس ووزارة المالية الاتحادية حول الجهة التي ينبغي أن تتكفل بدفع الاستحقاقات المالية للعاملين في جامعة الخرطوم، مشيرة هذه المصادر الصحافية إلى أن آخر هذه الخلافات كان رفضه دفع مبلغ المائة جنيه، المنحة الشهرية من إيرادات جامعة الخرطوم، وتبلغ جملة هذه المبالغ أكثر من نصف مليار جنيه شهرياً، مما يشكل عبئاً مالياً ثقيلاً على كاهل الجامعة، حسبما يرى البروفسور مصطفى إدريس في خلافه مع وزارة المالية الاتحادية، حسبما تذكر هذه المصادر الصحافية. بينما تشير مصادر أخرى إلى أن من أسباب الإقالة أن البروفسور مصطفى إدريس البشير كان قد كتب عقب فوز الرئيس عمر البشير بالاستحقاق الرئاسي في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أبريل الماضي، سلسلة من المقالات، نُشرت في صحيفة "التيار"، بعنوان "الأسئلة الصعبة أمام القيادة المنتخبة.. رسالة مفتوحة للأخ الرئيس في عهده الجديد"، وهي 16 مقالاً في شكل أسئلة، لقد تابعتها قراءةً ومناقشةً مع كاتبها، أولاً بأول، وحصلت عليها مجموعة إلكترونياً من الأخ الصديق البروفسور مصطفى إدريس، ووجدتها تضمنت تساؤلاتٍ ونصائح، تنزيلاً لقول الله تعالى: "قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ. أُُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ". وقوله تعالى: "فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ". وتأسياً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي ورد عن أبي تميم بن أوس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". رواه البخاري ومسلم. ومن الضروري أن أُشير هنا إلى تأصيلٍ مهمٍ في مسألة النصيحة، وهي أن النصيحة ليست قاصرة في الدين فقط، بل هي وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإنهم قد بعثوا لينذروا قومهم من عذاب الله تعالى، وليدعوهم إلى عبادة الله وحده وطاعته، فهذا سيدنا نوح عليه السلام يخاطب قومه، ويبين لهم أهداف دعوته فيقول: "أُبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم". وعندما أخذت الرجفة قوم صالح عليه السلام، قال: "يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين". فلا غروّ أن حرص الأخ الصديق البروفسور مصطفى إدريس ابن الحركة الإسلامية، التزاماً وخُلقاً، حركةً وتديناً، وفهماً صائباً لحق الدين، ووعياً صادقاً بحقيقة التدين، على بذل النصيحة للرئيس عمر البشير، وليكون له من الناصحين، ديناً وسياسةً، ففي المقال الخامس عشر من سلسلة تلكم المقالات، يستهله ناصحاً السيد الرئيس قائلاً: "أخي الرئيس لقد وصلت الى سدة حكم السودان في الثلاثين من يونيو عام 1989 تحت رايات الحركة الاسلامية السودانية وشعاراتها، فالإنقاذ جاءت بتدبير من الحركة الاسلامية وقيادتها، وهذه حقيقة لا يمكننا التنصل منها أو التنكر لها أبداً، فأين هي الحركة الإسلامية الآن؟ هل ماتت وتم قبرها منذ أن تم حلها بعد قيام الإنقاذ مباشرة بواسطة قادتها كما يقول البعض؟ أم أنها ما تزال حية كميتة ومتنازعة بين شركاء متشاكسين؟ وبعد مضي أكثر من عشر سنوات على المفاصلة بين قيادات الإسلاميين بسبب السلطة - والسلطة فقط مهما سيق أو سوق أو سوغ من مبررات غيرها - هل من بارقة أمل في توحيد الحركة الإسلامية في السودان وإعادتها إلى الحياة كما كانت قبل الإنقاذ بمبادرة من الأخ الرئيس شخصياً؟ وهل بقي في السلطة التي تقاتلنا عليها من بريق يستحق الاستمرار في الخصومات والمعارك وتبادل الاتهامات؟ والى متى تظل القطيعة بين قيادات الإسلاميين في هذا الطرف وذاك الطرف مصدراً للكوارث التي يدفع ثمنها شعب السودان اليوم ويفقد الأمل في مستقبل واعد؟". وأعلم تمام العلم أن الأخ البروفسور مصطفى إدريس لقي الأمَرين من تلكم المقالات، فأهل المؤتمر الوطني توجسوا منها وانصرفوا عنها، ولم يألوا جهداً في البحث عن مضامينها، والتأمل في مغزاها. وفي الوقت نفسه، لم تجد رضًى، عند جماعة الشيخ (الدكتور حسن عبد الله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي المعتقل حالياً والذي نطالب بإطلاق سراحه، بل أن بعضهم استاء منها، بحجة أنها قست على الشيخ كثيراً، بينما لقيت قدراً ملحوظاً من الاستحسان، من قبل الإسلاميين الذين رأوا في بدء الإنقاذ، بالنسبة لحركة الإسلام في السودان، أنها الخلاص بعيداً عن جدار الرصاص، ولكن بعد المفاصلة، واشتداد الخصومة بين المؤتمرين (المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي) نأوا بأنفسهم عن الحركة الإسلامية، فتزايدت جماعات المؤلفة قلوبهم، وتصاعدت جحافل العاملين عليها، ونسأل الله تعالى أن يكون ذلك من باب الانفتاح على الآخر، والتأكيد على اتساع حركة الإسلام، وليس في إطار مكايدة الآخرين، ونُذكر في هذا الصدد بالقول المأثور "الكيس مَنْ اتعظ بغيره"، ولنا أسوة غير حسنة في ما يعرف بالأحزاب المليونية، وللتذكير والعظة معاً، يجب ألا ننسى أو نتناسى أن الاتحاد الاشتراكي السوداني كان يدعي أن عضويته بالملايين، ولكن عندما هبت الانتفاضة في أبريل 1985، مسيرته الشهيرة لم تتعدَ العشرات، حتى الهتافات كانت بصوت مبحوح، ولم يبقَ من تلك المسيرة من ذكرى، سوى صورة الدكتور محمد عثمان أبو ساق. كما أن الحزب الوطني الديمقراطي المصري يردد كثيراً أن عضويته أكثر من ثلاثة ملايين، ولكنه لم يستطع تنظيم مظاهرة ضد شباب 25 يناير (شباب ميدان التحرير)، سوى أعداد من البلطجية وأصحاب السوابق، عليه لا ينبغي أن ترتكن الإنقاذ على جماعات المؤلفة قلوبهم وجحافل العاملين عليه في حساب العضوية المليونية للمؤتمر الوطني، والمعنى واضح كما يقول أستاذي الراحل البروفسور عبد الله الطيب في ما ينبغي عدم الاستفاضة في شرحه، ونُذكر بقول الله تعالى للمقاربة وليس المشابهة: "لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لّا يَعْقِلُونَ". ولقد حرصت مثل غيري من القراء على قراءة تلك المقالات النصيحة، لما فيها من جُرأة على قول الحق، والصدع به، وقوة الحجة في تبيان الحق في رفق ولين وصدق. وأنها أحدثت حراكاً فكرياً داخل الحركة الإسلامية وخارجها، وأثارت أيضاً اهتماماً ملحوظاً بين المهتمين بالشأن السياسي السوداني العام داخل السودان وخارجه، لما تضمنته من بعض المؤشرات العامة، والموجهات الوطنية، وسببت لكاتبها الكثير من العنت والمضايقة من قبل بعض مناقشيه من الإسلاميين وغيرهم. كما أن تلك المقالات ما زالت تثير اهتمام السياسيين وغيرهم، حتى أنه نُشر أن السيد الصادق الصديق المهدي رئيس حزب الأمة القومي عند علمه بإقالة البروفسور مصطفى إدريس من منصب مدير جامعة الخرطوم بقرار رئاسي، أرسل أحد أعوانه إلى صحيفة "التيّار" طلباً للأعداد التي نُشرت فيها سلسلة تلكم المقالات لمراجعتها. وعن تلك المقالات يقول الأخ البروفسور مصطفى إدريس البشير في مخاطبة مباشرة للسيد الرئيس عمر البشير عبر مقالات أخرى تنشر تباعاً في صحيفة "التيّار"، حصلت على نسخة منها قبل نشرها بواسطة كاتبها، حيث يقول: "لقد حاولت إمعان النظر في تجرية دولتنا في الماضي بإيجابياتها وسلبياتها عبر الرسائل المفتوحة التي وجهتها لك؛ ونشرت في صحيفة "التيّار" الغراء عقب الانتخابات التي جرت في أبريل الماضي، وقدمت مقترحات لكيفية الخروج من تلك السلبيات في المرحلة التي تلي الانتخابات بطريقة ربما لم تكن معهودة عندنا، وقد أحدثت تلك المقالات حراكاً فكرياً واسعاً داخل صفوف الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، وعامة المهتمين بالشأن السوداني العام"، مضيفاً "وأصدقك القول أخي الرئيس بأني لم أكتبها للتشهير أو التحريض أو الاستعراض أو الشماتة أو إحداث فتنة أو شقاق، ولكن أجد في داخلي شعوراً قوياً، يدفعني لتقديم النصح بهذه الطريقة، وفي هذا الظرف الذي أحس بخطورته وتداعياته السالبة على مستقبل السودان، بل وأرى أن ذلك يندرج في إطار المسؤولية التي كلفتني بها عندما حملتني مسؤولية إدارة أكبر وأعرق مؤسسة تعليمية في البلاد". ومن الضروري التذكير أن هذه المقالات قد كُتبت قبل الإقالة، مما يدل أن النصيحة لم يبذلها البروفسور مصطفى إدريس إثر مرارات شخصية، بل كانت استجابة صادقة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا ببذل النصيحة، حيث قال: "الين النصيحة..". وفي الحلقة الثانية من هذه العُجالة سنبسط المزيد من القول حول تداعيات إقالة الأخ البروفسور مصطفى إدريس البشير من إدارة جامعة الخرطوم على الإنقاذ، إضافة إلى الحديث عن استقالة الأخ الصديق الأستاذ حسن فضل المولى (الملقب بالجنرال) مدير عام تلفزيون النيل الأزرق، أسبابها ومسبباتها، وكيفية أن يكون الإعلام عند الأخ حسن فضل المولى صناعة للأحداث، وليس الاقتصار على نقلها، وتداعيات لقاء فضائية النيل الأزرق مع الشاعر هاشم صديق يوم الثلاثاء 18 يناير الماضي، وقراءته في ذلكم اللقاء التلفزيوني قصيدة جديدة جاء فيها: هديمك يا وليد.. مقدود وصابحنا الفقر ..والجوع صبح باب التكل.. مسدود كمل حتى الملح.. في البيت وشن همّ.. الملح في البيت وكت ملح.. الدموع موجود؟! ولنستذكر في هذا الخصوص، قول الله تعالى: "أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ. أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". وقول الشاعر العربي: ولقد نصحت قومي بمنعرج اللوى فلم يتبين لهم نصحي إلا ضحى الغدِ!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق