الاثنين، 21 فبراير 2011

لا للفوضى



هذه رسالةٌ مُخلصةٌ خالصة، بعث بها إلينا الأخ الكريم فيصل عبدالوهاب، ولئن كُنَّا نوافقُ محتواها موافقةً تامَّة ، إلا أننا نَرى، بجانب مسؤولية المواطن، مسؤوليَّةً عاجلةً وحاسمةَ للدولة، وللحكومة، في شأن إغلاق منافذ الفوضى وأبواب الدمار، وتجنُّب ما جرى في تُونس ومايجري في مصر.. ذلك حديثٌ موعدُهُ الغد بمشيئة الله، فإلى رسالة الأخ فيصل.

ظل المرجفون بالمدينة الوادعة يمنُّون النفس وهم في مخادع المخمل والبخورالطيب، أن تشرق عليهم شمس يوم ويُدعَون من «الشعب السوداني» للاغتسال وأداء القسم لرئاسة الوزارة والحكومة بعد أن قام «الشعب» بإزاحة الإنقاذ و«ترحيل البشير»، ليأتي سيادته مبعوثاً للعناية الإلهية، وهبة سماوية لرفع المعاناة عن كاهل الشعب، لكن سرعان ما يستفيق الغشيم من حلم لئيم ولا يملك سوى الدعاء على أهل الإنقاذ بالزوال، والموت الزؤام لتكون هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يذهب بها إلى القصر رئيساً، وتستمر حكومة الإنقاذ في مواجهة الغرب واستكباره، وتضاؤل العرب وصغارهم، وفي تكريس الطاقات وتوجيهها لما فيه خير البلاد والعباد وفي أكتافها ديون مثقلات منذ عهد عاد الأولى، ومشاريع باذخات تنفذ على جميع الجهات، ولـ«الإنقاذ» كتاب إنجاز عامر الصفحات، مصانع، كباري، طرق، مشافي، جامعات، ولايات، محليات والكثير الذي يعرفه الشعب ويعيشه ويحسه، ومحاولات الوصول بالناس للرفاه مستمرة بخطوات عملاقة، لذلك يصبر الشعب السوداني ويتفاعل معظمه مع اجتهادات الإنقاذ، وهو شعب معلم بحق فكل سوداني لديه قدرة كبيرة وبصيرة نافذة خاصة بعد أن تحللت قطاعات كبيرة منه من موروث عقدي بالٍ، أو جمع لا يحمل من الحزب إلا اسمه، لذلك يفشل الرهان على أن ينتقل تأثير أي تحرك في دول المنطقة على السودانيين هكذا ضربة لازب، لا، لا يمكن في شعب نعرف فيه الاعتزاز بالنفس، والكبرياء، والأنفة، أن يطلب منه من لم يقدم له عمارًا، أن يعيث في الديار دمارًا، فما حدث في دول أخرى لا ينطبق علينا في السودان، ويكفي أننا كدولة نامية خارجة من حرب عشرين عاماً، وتنفذ اتفاقية معقدةً باستحقاقاتها، ولديها جبهات مفتوحة، وتسير فيها مشاريع التنمية الخيالية، وصرفت على انتخابات واستفتاء متلاحقين، كل ذلك ولم يكن ما عرف بالأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي هدت صروحاً رأسمالية وجعلت دولاً متقدمة محل «الإغاثة»، لم يكن وقعها ظاهرًا أو ملموساً لدى المواطن السوداني البسيط في عيشه اليومي حتى أن الظريف قال «هي ما جاتنا مالها؟» فإذا جاء حديث عن غلاء أسعار بعض السلع في الآونة الأخيرة، فالرد ليس من عندي إنما صرّح به الخبراء، وأوضحوا الغلاء العالمي في سلعتي القمح والسكر، أما المواد البترولية فقد زادت إيران، إحدى أكبر دول العالم إنتاجاً واحتياطياً له، زادت من الأسعار للمواطن الإيراني ورفعت دعمها عن بعض السلع الاستهلاكية، فكيف الحال عندنا ومحاولات السيطرة على قدم وساق والدعم موجود، وكان في حديث الأستاذ / علي محمود / وزير المالية باللغة السهلة وشرحه المبسط كان فيه ما يبعث على الثقة والاطمئنان، لكل ما تقدم فإنني كمواطن بسيط من عامة الناس يهمني السودان ماضياً وحاضرًا ومستقبلاً، كما يهتم به بنو الوطن أجمعين، أرجو مخلصاً أن نتداعى خلال الفترة المقبلة للدخول في «نوبة صحيان» لنعض على موجوداتنا وموروثاتنا بالنواجذ رغم كل المآخذ والنواقص فليس كاملاً إلا من له الكمال سبحانه، فكلنا مسؤولون عن أمن الوطن وثروته ولكل منّا دور كَبُر أم صغُر، فنحن مطالبون باليقظة والتنبه لما يحاك ضد الوطن من الداخل والخارج، فالوطن ليس نظاماً يا أخوتي فنحن الوطن، لذلك لانقبل أن تستورد لنا ألاعيب التظاهر الممجوج والشعارات الفجّة فنحن لدينا حكومة منتخبة يفترض أن نسمعها رغباتنا وطلباتنا وحتى أحلامنا عبر نوابنا، وهي وسيلة فعالة لو فعلناها وبخلاف ذلك فإن الفوضى لن تقودنا إلا للخراب والدمار وفقدان الأرواح والأموال، ولشبابنا كلمة، فإن الأسر الصغيرة والكبيرة إنما ترتجي فيكم الآمال العراض أن تزدانوا علماً ومعرفة وهي متاحة في عشرات الجامعات الآن، لتلتحقوا بركب العمل والعطاء لرد الدين للوطن والأب الذي تقدّم به العمر والأم التي هدّها المرض والتعب في انتظار يومك الذي هو غد «أليس الغد لناظره قريب» وهو يوم ترثون الأرض كلها كنواميس الطبيعة، لذا فهذه ساحة نشاطكم وجهادكم الأصلية، ولا يفهم من كلامي هذا أنه تحجيم أو حد من قدرات الشباب أو إلغاء لدورهم الوطني المهم والكبير، ولدورهم المجتمعي فنحن أنصار الشباب تأسينا بالرسول الكريم وصحبه إنما عنيت وسيلة التعبير، ولشرائح المجتمع الأخرى الذين يفهمون حرج المرحلة المقبلة وحساسيتها فإني ألتمس تقديم مصلحة البلد على كل مصلحة والمساهمة بالرأي السديد وإشاعة الخبرات العظيمة المتوافرة عندنا في شتى المجالات حتى نخرج من عنق الزجاجة دون أن تتكسر إلى أجزاء، والسماح ممن لم يستسغ قولي إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.
أخوكم عميد شرطة معاش / فيصل عبد الوهاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق