الأحد، 8 يناير 2012

عفواً.....اسمحوا لي بالانفصال!!! (2/2) بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير


عفواً.....اسمحوا لي بالانفصال!!! (2/2)
بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير
بسم الله الرحمن الرحيم- ذكرنا في الحلقة الأولى أن الرئيس نميري )تلقى التمام( من قوات الأمن بأن جميع أعضاء الجبهة الإسلامية بالسجن وغادر إلى الولايات المتحدة بعد أن طلب من نائبه عمر محمد الطيب التخلص منهم قبل عودته (مصدر أمني كبير من فمه إلى أذني مباشرة في ذات اليوم). غادر الرئيس إلى الولايات المتحدة وبدأت تحركات شعبية في عدة مناطق، أولها وأهمها مدني قبل الخرطوم، حيث إنها بدأت بجامعة الجزيرة (أساتذة واتحاد طلاب) قبل أن تبدأ بالخرطوم، بالتعاون مع بعض النقابات، وخرج الجميع إلى الشارع اعتبارًا من 26 مارس حتى 6 إبريل، وقدمت مذكرات إلى الحاكم (المرحوم عبدالرحيم محمود) فرفض استلامها وتجنب استقبال ممثلي الشعب، وأغلبهم من أساتذة الجامعة وعدد من المحامين ومهندسي الري، مما اضطر الجماهير الغفيرة إلى الجلوس على أسفلت شارع الجمهورية، ابتداءً من شارع النيل شمالاً حتى شارع المحطة جنوباً، مع إحاطة تامة من كل الجهات برجال الشرطة ورجال أمن الدولة المسلحين. من الأشياء التي دفعت الجميع إلى الخروج (استفزازات) السيد أبوساق والسيد أبوالقاسم محمد إبراهيم عند مخاطبتهما لجماهير الاتحاد الاشتراكي أمام القصر بالخرطوم. تذكرني هذه التصريحات بما صرح به السادة رئيس الجمهورية ووالي الخرطوم ومدير جهاز الأمن هذا الأسبوع، وما أشبه الليلة بالبارحة، والشعب هو ذات الشعب!! أما الخرطوم فكانت قيادتها تتكون من نقابة الأطباء (الجزولي وأبوصالح وآخرين) ونقابة المحامين (أمين مكي وعبدالعاطي وغيرهما كثر) وأغلبهم تقلد مناصب وزارية في حكومة إبريل (سوار الذهب) لمدة عام واحد فقط. السبب هو ضغوط من الأحزاب بالرغم من عدم استعدادها، وقناعة المشير سوار الذهب بأنه لا يرغب في الاستمرارية لأكثر من عام لأسباب صحية. كانت هذه (من أكبر الأخطاء والقرارات) التي اتخذت في حق البلاد ولا يفوقها سوءًا إلا قرار انفصال الجنوب في عهد الإنقاذ هذا. أجريت الانتخابات (دون تزوير أو مشكلات)، وتحالفت جميع الأحزاب ضد الجبهة الإسلامية، وفاز حزب الأمة بالأغلبية، ثم الاتحادي الديمقراطي (المرتبة الثانية) الذي فقد العديد من الدوائر (لتعدد المرشحين) بذات الدائرة. أما الجماعة إياهم (الجبهة) فتقريباً اكتسحت دوائر الخريجين وجاءت عن طريقها في المرتبة الثالثة. استغلت الجبهة هذا الموقع (الثالث) بذكاء في اللعب على الحزبين وتشكيل الحكومات التي (حلت عدة مرات) وتغير الوزراء ولم يتغير رئيس الوزراء (طبعاً تعرفون من هو!!). أكثر سيادته من التصريحات المناوئة للنظام المصري حتى أن المخلوع مبارك كان لديه ملف خاص عنه يحمله أين ما ذهب (مصدر موثوق، سفير، أخبره الرئيس مبارك بنفسه وبأديس أبابا بالتحديد). تسبب سيادته في خلافات عميقة مع الحكومة المصرية والتي كانت سفارتها حينئذ أكبر (خلية استخباراتية) خارج مصر حفاظاً على أمن مصر من فوضى الديمقراطية الوليدة بالسودان. أشيع حينها أن السفارة كانت تعد مع بعض قيادات الضباط محاولة انقلابية لمصلحة مصر والتخلص من السيد الإمام!! بعض أعضاء مجلس الإنقاذ كانوا في قائمة الانقلاب الذي (كما أشيع) خطط له بواسطة السفارة المصرية (ارجعوا لتصريح السفير بعد الانقلاب)، وهنا أود أن أقول إنه ليس كل أعضاء مجلس الإنقاذ كانوا من أعضاء الجبهة كحزب، وهذا هو سبب تأييد أغلبية القيادات العسكرية التي خدعها التشكيل واعتقدت أنه (انقلاب القيادة) العامة. كان بهذا المجلس عدد من القوميين العرب وبعض الناصريين. المهم في الأمر تكونت عدة حكومات فاشلة عند الديمقراطية الثالثة نظرًا (لعدم جاهزية الأحزاب) حيث إنها فوجئت بقيام الثورة كأحد الأسباب، والمناورات والمناكفات والحقد والحسد الحزبي والغيرة السياسية والشخصية، خاصة بعد كوكادام واتفاق مولانا وقرنق على حل المشكلة، لدرجة أنه عند هبوط طائرة مولانا لمطار الخرطوم غادرت طائرة رئيس الوزراء إلى غرب السودان (شوف عيني شخصياً حيث كنت أسكن جوار المطار من الناحية الشرقية له)، دون أن يفكر في تأخير سفريته لعشر دقائق لمقابلة مولانا والسماع منه مباشرة عن الاتفاقية كشخص مسؤول عن كل ما يجري بالبلاد!! كانت الانتخابات على مرمى حجر من هذه الفعلة غير المسؤولة من رئيس الوزراء، والتي سبقها بعدة أشهر خروج الاتحادي الديمقراطي للمعارضة، ودخول الجبهة في (ائتلاف فاشل) مع حزب الأمة لم يستمر أكثر من (تسعة أشهر فقط) ظهر فيها ضعف هذا الحزب وكوادره وفسادهم لكل الشعب السوداني. علمت الجبهة وتيقنت بعد هذه التجربة أنهم خاسرون للانتخابات القادمة لا محالة (قطع شك). هنا بدأ تفكيرهم في الانقلاب على الديمقراطية، والكل يعرف عن التحركات المكثفة للنائب الأول الحالي عندما كان زعيماً للمعارضة. الجبهة كانت الحزب الوحيد الذي لم يوقع على (ميثاق الحفاظ على الديمقراطية) الذي تم بإستاد ودمدني. كيف تم ذلك؟ لن أخوض فيه الآن وسيأتي اليوم الذي سينكشف فيه كل الأمر خاصة ما قبل (فلتذهب أنت إلى القصر وسأذهب أنا إلى سجن كوبر)!!! نعود الى حيثيات موضوعنا وهو عنوان المقال. عندما علم قريب لي وهو من الاستخبارات العسكرية وكذلك نسيبه الذي كان عميدًا بالاستخبارات أيضاً بالجنوب (أحيل إلى المعاش بعد استدعائه من الجنوب)، عندما علم بالأسماء التي قامت بالانقلاب أصيب بخيبة أمل رهيبة، وقدم لنا نبذة تاريخية عن كل منهم منذ دخوله للكلية الحربية حتى يوم الانقلاب. تأكدت من ذات المعلومات من (رئيس الاستخبارات العسكرية) في زيارة مع صديق مشترك، بعد الانقلاب، وكان لا زال يقيم بمنزله الحكومي. أكد لنا أنه قد أخبر السيد رئيس الوزراء بأن هنالك ثلاثة انقلابات تم التخطيط لها تتبع لثلاث جهات خارجية بما في ذلك انقلاب الإنقاذ (توسع في حديثه عنهم). لمَ تجاهل سيادته الأمر رغماً عن ذكر الأسماء والتواريخ، وقال له لا أحد يستطيع أن ينقلب علينا، وكل شيء تمام على حسب رؤية المخابرات والأمن القومي، والدليل على ذلك أنهم كانوا بحفل زواج يخص أسرة الأخير ليلة الانقلاب!! بدأوا بعد انقلابهم المشؤوم بشعارات براقة واستمروا باستغلال تعاطف الشعب وأمسكوا البلاد (بقبضة من حديد) وتخويف وقتل للمدنيين والعسكريين، ولم يراعوا حرمة رمضان والعيد. حاربوا كل دول الجوار. أما روسيا وأميريكا فكانت لهما جلالات وأناشيد خاصة بهما مع النصح (بلم الجداد)!! ثم جاء إلى الساحة (لعنة الاقتصاد السوداني) الشهير عبقري زمانه والمتآمر الأول على السودان وشعبه عبدالرحيم حمدي من جانب، والأخ الذي درس الطب عن طريق الخطأ الطيب إبراهيم من جانب آخر، فتولا معاً تدمير الاقتصاد والخدمة المدنية. أما أكبرهم سناً وأستاذهم أكاديمياً إبراهيم أحمد عمر، فقد تولى تدمير التعليم العالي (بفتح الكتاتيب) وأطلق عليها اسم جامعات، وتعريب الدراسة بالجامعات وتعبئتها بحملة البكالوريوس من الدرجة الثانية والثالثة كأساتذة، مع سيطرة كاملة على إداراتها، علماً بأن جامعات العالم كلها تعتبر هيئات مستقلة. حاربوا بالجنوب (جهادًا) سودانيين مثلهم وبواسطة أنفس غيرهم من الشباب الغض الغرير الطامع في الجنة بأقصر الطرق (غسيل مخ)، وباعوا بترول السودان للدول ذات التقنيات الضعيفة، وبنوا عليه اقتصاداً مزيفاً (حشاش بدقينته)، وتآمروا وبشهادة الإيقاد وأصدقائها على بيع الجنوب وشعبه وبتروله!! أما ابن ريفرسايد (كاليفورنيا) الأخ النافع، فنشكر له تدمير معنويات الشعب السوداني، لأن شرط (لحس الكوع أو شوف حلمة الأذن) صعب شديد، وكنت أتمنى سماع رده على اتهامات المهندس محمد بحادثة جامعة الخرطوم الأخيرة. أقول لك صراحة فقد نطق هذا البعثي بلسان الجميع. نيفاشا كانت الخدعة الكبرى وبعلمنا حكومة وشعباً مع (لوي) أذرعنا ومنعنا من أن نقول (أخ). أما الأخوة العرب والأفارقة فقد ثبت لنا أنهم (لا وجود لهم إلا في أخيلتنا). هم وهم كبير. جامعتهم العربية ومنظمة وحدتهم الإفريقية ما هي إلا حبر على ورق. مشاريعنا الزراعية كلها دمرت، وآخرها (اليوم) اعتصام مزارعي حلفا بدار الاتحاد احتجاجاً على دمار المشروع. المناصير، جامعة الخرطوم ودخول الشرطة والأمن حرمها وداخلياتها، جامعة القرآن الكريم بمدني (اليوم) وغيرها في الطريق. الغلاء الفاحش وتدني المرتبات والرغيفة التي في حجم (الأضان) والشعب ساكت ويرجو الرحمة!! الفريق أول محمد عطا المولى يهدد الجميع وبوجه شديد الصرامة وعيون ينطلق منها الشرر، يوم الاستقلال، عند استقبال طابوره القادم مشياً من الكاملين. الصوارمي يبشرنا بدخول/هروب 120 عربة تابعة للعدل والمساواة إلى الجنوب علماً بأنها قطعت المسافة من ليبيا حتى الجنوب وبعلم جيشنا بكامل عدته وعتاده وجيشنا الشعبي واستخباراتنا حتى وصلت الجنوب، وكل ما قمنا به هو قتل خليل وحارسه!! أما يا دكتور مهدي إبراهيم، عن السنوات الثلاث القادمات ستكون صعبة، السؤال هو مقارنة بماذا؟ أصعب مما كان قبل الإنقاذ؟ أم الثلث الأول؟ أم الثلث الثاني (بعد التمايز)؟، أم الألم الذي سببه انفصال الجنوب؟ كما قيل سنواتكم كلها عجاف، لهذا نقول إنكم حكمتم 22 (سنة) ولا نقول 22 (عاماً) حيث إنه لغوياً وقرآنياً (عام) تطلق على الأعوام السهلة البسيطة العادية، أما (سنة) فتطلق على الأعوام الصعبة والقاسية. الإنفلونزا ليس لها علاج. إن استخدمت أدوية ومسكنات ستتعافى منها بعد (أسبوع)، وإن لم تأخذ أدوية فستتعافى بعد(7 أيام)!!! واللبيب بالإشارة يفهم. عزيزي القارئ: ما جرى للسودان منذ استقلاله بحدوده السابقة والحالية لا يعجبني. سياسات كل حكوماته عسكرية وديمقراطية لا تعجبني. أكاد أجزم بأنني قد أضعت عمري سدًى. الآن بعد أن تبقت لنا أيام قلائل على ظهر البسيطة، بتاريخنا الصحي الذي يحمل بين طياته ذبحة صدرية وغيرها، أتمنى أن أقضي ما تبقى لي من الأيام حر نفسي. هل هذا كثير عليَّ؟ الواضح أن الكل مختلف مع الكل. عليه فقد قررت أن أعلن انفصالي عن بقية السودان وآخذ حقي وأسرتي فيه بالقانون وبرضاكم. ما رأيكم؟ دام فضلكم. إن أردتم أن تتعرفوا على الآلية التي سيتم بها ذلك، قد أوضحها يوماً ما، فقد تكون هي الحل الوحيد لإنقاذ السودان من نفسه ومن الإنقاذ!! اللهم نسألك اللطف (آمين).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق