٭ مما يُحمد للدكتور المتعافي وزير الزراعة الحالي ووالي الخرطوم السابق والمعتمد والوزير الولائي الأسبق، شيئان، ابتسامته التي لا تغيب عنه حتى في أحلك الظروف، واعترافه الجهير بأنه تاجر وتاجر شاطر كمان، يمارس التجارة جنباً إلى جنب الإمارة، لم يحدث أن أخفى المتعافي تجارته واستثماراته يوماً تحت أية لافتة، بل كان يعترف بها علانية ويعلنها على رؤوس الأشهاد، ويبدو أنه قد بلغ شأواً كبيراً وأصاب نجاحات باهرة وحقق عوائد كبيرة من نشاطه التجاري والاستثماري أهّله لأن يكون القدوة ومضرب المثل بين أقرانه ورصفائه، وأصبح صاحب خبرة يطلبها الآخرون حتى أن الرئيس نفسه طلب منه في لقاء مشهود بمدينة الدمازين حاضرة النيل الأزرق في خواتيم العام الماضي أن يقدم تجربته الشخصية في الاستثمار الزراعي للحاضرين، ربما ليقتدوا بها ويترسموا خطاها، ولم ندر ما قاله المتعافي بالضبط في تلك الجلسة عن «وصفة» نجاحه التجاري، ولكن ما تناقلته أجهزة الإعلام وخرجت به للعلن هو أنه يمتلك عشرة آلاف فدان واثنتي عشرة ألف نعجة ـ ولم يقل كم خروف ـ وخمسين بقرة، وقد استطاع من خلال هذا الاستثمار وحده أن يحقق أرباحاً بلغت أربعمائة مليون جنيه في موسم واحد، حسناً واللهم لا حسد، ولكن قبل أن نقول له هلاّ جلست في بيت أمك وأبيك حتى تجني هذه الأرباح الطائلة وأنت على سدة الحكم؟، يلزمنا أن نقول في حقه إنه على خلاف آخرين مستترين يتخفون خلف أسماء غير اسمائهم، يرتكب «مخالفة» إن لم نقل «جناية» واحدة وهي ما يعرف بالجمع بين الإمارة والتجارة، أو بالمصطلح الحديث تضارب المصلحة، فهو على الأقل لم يكذب ولم يتستر تحت أي قناع، وهذه تحسب له، بينما غيره يقع في المحظور مرتين، يكذب حين يدير استثماراته من وراء حجاب، ويرتكب جناية عندما يجمع بين السلطة والتجارة، ومثل هؤلاء المتخفين، شركات واستثمارات حكومية غير تلك المعروفة بالاسم والرسم والخاتم والتوقيع أنها حكومية خالصة تتبع لهذه الجهة الحكومية أو تلك....
ولا ندري لماذا تتوارى بعض هذه المؤسسات الرسمية والحكومية التي تمارس التجارة والاستثمار فتخفي وجوهها الحقيقية خلف آخرين تضعهم في الواجهة بدلاً عنها ما دام أن هذه الممارسة مباحة ومستباحة ومقرّة رسمياً، وما الداعي أصلاً لذلك والناس قد باتوا يعرفون أن هذه الشركة وذاك المصنع هو في حقيقته يتبع لهذه أو تلك من الجهات الرسمية، ولعل مثل هذه الممارسة هو ما فتح الباب واسعاً أمام أنشطة تجارية واستثمارية على طريقة «الرجل الخفي» حيث لم يعثر لها لا البرلمان ولا المراجع العام على أثر، بلا مكان ولا عنوان رغم وجودها على الورق....
الآن دعونا من مفهوم تضارب المصلحة، ودعونا من حكاية الجمع بين الإمارة والتجارة التي كتب فيها ابن خلدون فصلاً كاملاً، وذمها كثير من الفقهاء، بل ودعونا حتى من دستور السودان الحالي الذي نص بوضوح على عدم جواز الجمع بين المناصب الدستورية والتنفيذية وممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية، دعونا من كل ذلك، ولنتشبث فقط بمقولة الحكومة الأخيرة رغم أنها تكررت كثيراً بلا طائل حول ضرورة تصفية الشركات الحكومية كافة، لنرى ماذا ستفعل هذه المرة مع هذه الشركات، ومع من يجمعون بين الإمارة والتجارة؟ وإن غداً لناظره قريب..
ولا ندري لماذا تتوارى بعض هذه المؤسسات الرسمية والحكومية التي تمارس التجارة والاستثمار فتخفي وجوهها الحقيقية خلف آخرين تضعهم في الواجهة بدلاً عنها ما دام أن هذه الممارسة مباحة ومستباحة ومقرّة رسمياً، وما الداعي أصلاً لذلك والناس قد باتوا يعرفون أن هذه الشركة وذاك المصنع هو في حقيقته يتبع لهذه أو تلك من الجهات الرسمية، ولعل مثل هذه الممارسة هو ما فتح الباب واسعاً أمام أنشطة تجارية واستثمارية على طريقة «الرجل الخفي» حيث لم يعثر لها لا البرلمان ولا المراجع العام على أثر، بلا مكان ولا عنوان رغم وجودها على الورق....
الآن دعونا من مفهوم تضارب المصلحة، ودعونا من حكاية الجمع بين الإمارة والتجارة التي كتب فيها ابن خلدون فصلاً كاملاً، وذمها كثير من الفقهاء، بل ودعونا حتى من دستور السودان الحالي الذي نص بوضوح على عدم جواز الجمع بين المناصب الدستورية والتنفيذية وممارسة الأنشطة التجارية والاستثمارية، دعونا من كل ذلك، ولنتشبث فقط بمقولة الحكومة الأخيرة رغم أنها تكررت كثيراً بلا طائل حول ضرورة تصفية الشركات الحكومية كافة، لنرى ماذا ستفعل هذه المرة مع هذه الشركات، ومع من يجمعون بين الإمارة والتجارة؟ وإن غداً لناظره قريب..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق